للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استجرّهم الشّيطان حتى زلّوا، فإنّ الخطيئة الصّغيرة إذا ترخّص الإنسان فيها تصير مسهّلة لسبيل الشّيطان على نفسه. وقوله عليه السلام:

«من أُزِلَّتْ إليه نعمةٌ فليشكرها» «١» أي: من أوصل إليه نعمة بلا قصد من مسديها، تنبيها أنه إذا كان الشّكر في ذلك لازما فكيف فيما يكون عن قصده. والتَّزَلْزُلُ: الاضطراب، وتكرير حروف لفظه تنبيه على تكرير معنى الزّلل فيه، قال: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها

[الزلزلة/ ١] ، وقال: إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ

[الحج/ ١] ، وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً

[الأحزاب/ ١١] ، أي: زعزعوا من الرّعب.

[زلف]

الزُّلْفَةُ: المنزلة والحظوة «٢» ، وقوله تعالى:

فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً

[الملك/ ٢٧] ، قيل: معناه:

لمّا رأوا زلفة المؤمنين وقد حرموها. وقيل:

استعمال الزّلفة في منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من الألفاظ. وقيل لمنازل الليل: زُلَفٌ قال: وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ

[هود/ ١١٤] ، قال الشاعر:

٢١١-

طيّ الليالي زلفا فزلفا

«٣» والزُّلْفَى: الحظوة، قال الله تعالى: إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى

[الزمر/ ٣] ، والمَزَالِفُ:

المراقي، وأَزْلَفْتُهُ: جعلت له زلفى، قال:

وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ

[الشعراء/ ٦٤] ، وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ

[الشعراء/ ٩٠] ، وليلة الْمُزْدَلِفَةِ: خصّت بذلك لقربهم من منى بعد الإفاضة. وفي الحديث: «ازْدَلِفُوا إلى الله بركعتين» «٤» .

[زلق]

الزَّلَقُ والزّلل متقاربان، قال: صَعِيداً زَلَقاً

[الكهف/ ٤٠] ، أي: دحضا لا نبات فيه، نحو قوله: فَتَرَكَهُ صَلْداً [البقرة/ ٢٦٤] ، والْمَزْلَقُ: المكان الدّحض. قال:

لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ

[القلم/ ٥١] ، وذلك كقول الشاعر:


(١) الحديث في النهاية ٢/ ٣١٠، والفائق ٢/ ١١٩.
(٢) انظر: البصائر ٣/ ١٣٦، والمجمل ٢/ ٤٣٨. [.....]
(٣) الرجز للعجاج، وقبله:
ناج طواه البين ممّا وجفا
وهو في ديوانه ص ٢٣١، والبصائر ٣/ ١٣٧، وشرح مقصورة ابن دريد ص ٢١٤.
(٤) الحديث عن سليمان بن موسى قال: كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى مصعب بن عمير، وهو بالمدينة: انظر من اليوم الذي تجهّز فيه اليهود لسبتها، فإذا زالت الشمس فازدلف إلى الله بركعتين، واخطب فيهما. أخرجه الخطابي في غريب الحديث ٢/ ٢٥.

<<  <   >  >>