للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيسجد لله، وأمّا أنت فتكفر به «١» ، وظِلٌّ ظَلِيلٌ:

فائض، وقوله: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا

[النساء/ ٥٧] ، كناية عن غضارة العيش، وَالظُّلَّةُ: سحابةٌ تُظِلُّ، وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره. قال تعالى: كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ

[الأعراف/ ١٧١] ، عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ

[الشعراء/ ١٨٩] ، أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ

[البقرة/ ٢١٠] ، أي: عذابه يأتيهم، والظُّلَلُ: جمعُ ظُلَّةٍ، كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، وقُرْبَةٍ وقُرَبٍ، وقرئ: (في ظِلَالٍ) «٢» وذلك إمّا جمع ظُلَّةٍ نحو: غُلْبَةٍ وغِلَابٍ، وحُفْرَةٍ وحِفَارٍ، وإمّا جمعُ ظِلّ نحو: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ

[النحل/ ٤٨] ، وقال بعض أهل اللّغة: يقال للشّاخص ظِلٌّ. قال: ويدلّ على ذلك قول الشاعر:

٣٠٥-

لمّا نزلنا رفعنا ظِلَّ أخبيةٍ

«٣» وقال: ليس ينصبون الظِّلَّ الذي هو الفيء إنّما ينصبون الأخبية، وقال آخر:

٣٠٦-

يتبع أفياء الظِّلَالِ عشيّة

«٤» أي: أفياء الشّخوص، وليس في هذا دلالة فإنّ قوله: (رفعنا ظِلَّ أخبيةٍ) ، معناه: رفعنا الأخبية فرفعنا به ظِلَّهَا، فكأنّه رفع الظِّلَّ. وقوله:

أفياءُ الظِّلَالِ فَالظِّلَالُ عامٌّ والفيءُ خاصّ، وقوله: (أفياءُ الظِّلَالِ) ، هو من إضافة الشيء إلى جنسه. والظُّلَّةُ أيضا: شيءٌ كهيئة الصُّفَّة، وعليه حمل قوله تعالى: وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ

[لقمان/ ٣٢] ، أي: كقطع السّحاب. وقوله تعالى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ

[الزمر/ ١٦] ، وقد يقال: ظِلٌّ لكلّ ساتر محمودا كان أو مذموما، فمن المحمود قوله: وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ

[فاطر/ ٢١] ، وقوله: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها

[الإنسان/ ١٤] ، ومن المذموم قوله: وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ

[الواقعة/ ٤٣] ، وقوله: إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ

[المرسلات/ ٣٠] ، الظِّلُّ هاهنا كالظُّلَّةِ لقوله: ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ

[الزمر/ ١٦] ، وقوله: لا ظَلِيلٍ

[المرسلات/ ٣١] ، لا يفيد فائدة الظِّلِّ في كونه واقيا عن الحرّ، وروي: «أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم كان إذا


(١) انظر: الدر المنثور ٤/ ٦٣٠.
(٢) وهي قراءة شاذة، قرأ بها قتادة وأبيّ بن كعب وابن مسعود. انظر: إعراب القرآن للنحاس، والبحر المحيط ٢/ ١٢٥.
(٣) هذا شطر بيت لعبدة بن الطيب، وعجزه:
وفار باللحم للقوم المراجيل وهو في المفضليات ص ١٤١، وشرح المفضليات للتبريزي ٢/ ٦٧١.
المعنى: رفعنا الأخبية فتظللنا بها.
(٤) الشطر في عمدة الحفاظ (ظلل) دون نسبة.

<<  <   >  >>