للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٥٥] ، أي: معينا للشّيطان على الرّحمن. وقال أبو عبيدة «١» : الظَّهِيرُ هو المَظْهُورُ به. أي: هيّنا على ربّه كالشّيء الذي خلّفته، من قولك:

ظَهَرْتُ بكذا، أي: خلفته ولم ألتفت إليه.

والظِّهَارُ: أن يقول الرّجل لامرأته: أنت عليّ كَظَهْرِ أمّي، يقال: ظَاهَرَ من امرأته. قال تعالى:

وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ

[المجادلة/ ٣] ، وقرئ: يظاهرون «٢» أي: يَتَظَاهَرُونَ، فأدغم، ويَظْهَرُونَ

«٣» ، وظَهَرَ الشّيءُ أصله:

أن يحصل شيء على ظَهْرِ الأرضِ فلا يخفى، وبَطَنَ إذا حصل في بطنان الأرض فيخفى، ثمّ صار مستعملا في كلّ بارز مبصر بالبصر والبصيرة. قال تعالى: أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ

[غافر/ ٢٦] ، ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ

[الأعراف/ ٣٣] ، إِلَّا مِراءً ظاهِراً

[الكهف/ ٢٢] ، يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا

[الروم/ ٧] ، أي: يعلمون الأمور الدّنيويّة دون الأخرويّة، والعلمُ الظَّاهِرُ والباطن تارة يشار بهما إلى المعارف الجليّة والمعارف الخفيّة، وتارة إلى العلوم الدّنيوية، والعلوم الأخرويّة، وقوله: باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ

[الحديد/ ١٣] ، وقوله: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ

[الروم/ ٤١] ، أي: كثر وشاع، وقوله: نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً

[لقمان/ ٢٠] ، يعني بالظَّاهِرَةِ: ما نقف عليها، وبالباطنة: ما لا نعرفها، وإليه أشار بقوله: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [النحل/ ١٨] ، وقوله: قُرىً ظاهِرَةً

[سبأ/ ١٨] ، فقد حمل ذلك على ظَاهِرِهِ، وقيل: هو مثل لأحوال تختصّ بما بعد هذا الكتاب إن شاء الله، وقوله:

فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً

[الجن/ ٢٦] ، أي: لا يطلع عليه، وقوله: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ

[التوبة/ ٣٣] ، يصحّ أن يكون من البروز، وأن يكون من المعاونة والغلبة، أي: ليغلّبه على الدّين كلّه. وعلى هذا قوله: إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ

[الكهف/ ٢٠] ، وقوله تعالى: يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ

[غافر/ ٢٩] ، فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ

[الكهف/ ٩٧] ، وصلاة الظُّهْرِ معروفةٌ، والظَّهِيرَةُ: وقتُ الظُّهْرِ، وأَظْهَرَ فلانٌ: حصل في ذلك الوقت، على بناء أصبح وأمسى «٤» . قال تعالى:

وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ

[الروم/ ١٨] .

تمّ كتاب الظاء


(١) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٧٧.
(٢) قرأ يظّاهرون بفتح الياء وتشديد الظاء وبألف، ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وأبو جعفر. انظر: إرشاد المبتدي ص ٥٨٦. [.....]
(٣) وقرأ يظّهرون نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب. انظر: إرشاد المبتدي ٥٨٦.
(٤) راجع صفحة ٨٢ حاشية ١.

<<  <   >  >>