للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عجب]

العَجَبُ والتَّعَجُّبُ: حالةٌ تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء، ولهذا قال بعض الحكماء:

العَجَبُ ما لا يُعرف سببه، ولهذا قيل: لا يصحّ على الله التَّعَجُّبُ، إذ هو علّام الغيوب لا تخفى عليه خافية. يقال: عَجِبْتُ عَجَباً، ويقال للشيء الذي يُتَعَجَّبُ منه: عَجَبٌ، ولما لم يعهد مثله عَجِيبٌ.

قال تعالى: أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا

[يونس/ ٢] ، تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله، وقوله: بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ

[ق/ ٢] ، وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ

[الرعد/ ٥] ، كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً

[الكهف/ ٩] ، أي: ليس ذلك في نهاية العَجَبِ بل في أمورنا أعظم وأَعْجَبُ منه. قُرْآناً عَجَباً

[الجن/ ١] ، أي: لم يعهد مثله، ولم يعرف سببه. ويستعار مرّة للمونق فيقال: أَعْجَبَنِي كذا أي: راقني. قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ

[البقرة/ ٢٠٤] ، وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ

[التوبة/ ٨٥] ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ

[التوبة/ ٢٥] ، أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ

[الحديد/ ٢٠] ، وقال: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ

[الصافات/ ١٢] ، أي: عَجِبْتَ من إنكارهم للبعث لشدّة تحقّقك معرفته، ويسخرون لجهلهم. وقيل: عَجِبْتَ من إنكارهم الوحيَ، وقرأ بعضهم: بَلْ عَجِبْتَ

«١» بضمّ التاء، وليس ذلك إضافة المُتَعَجِّبِ إلى نفسه في الحقيقة بل معناه: أنه ممّا يقال عنده: عَجِبْتُ، أو يكون عَجِبْتُ مستعارا بمعنى أنكرت، نحو:

أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ

[هود/ ٧٣] ، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ

[ص/ ٥] ، ويقال لمن يروقه نفسه: فلانٌ مُعْجبٌ بنفسه، والعَجْبُ من كلّ دابّة: ما ضَمرَ وَرِكُهُ.

[عجز]

عَجُزُ الإنسانِ: مُؤَخَّرُهُ، وبه شُبِّهَ مُؤَخَّرُ غيرِهِ.

قال تعالى: كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ

[القمر/ ٢٠] ، والعَجْزُ أصلُهُ التَّأَخُّرُ عن الشيء، وحصوله عند عَجُزِ الأمرِ، أي: مؤخّره، كما ذكر في الدّبر، وصار في التّعارف اسما للقصور عن فعل الشيء، وهو ضدّ القدرة. قال تعالى:

أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ

[المائدة/ ٣١] ، وأَعْجَزْتُ فلاناً وعَجَّزْتُهُ وعَاجَزْتُهُ: جعلته عَاجِزاً. قال: وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ

[التوبة/ ٢] ، وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ

[الشورى/ ٣١] ، وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ

[الحج/ ٥١] ، وقرئ: معجزين «٢» فَمُعَاجِزِينَ قيل: معناه ظانّين ومقدّرين أنهم يُعْجِزُونَنَا، لأنهم


(١) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. انظر: إرشاد المبتدي ص ٥٢١.
(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو بن العلاء. انظر: إرشاد المبتدي ص ٤٥٠.

<<  <   >  >>