للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[آل عمران/ ٢٣] ، فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ

[سبأ/ ١٦] ، وقوله: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ

[آل عمران/ ١٣٣] ، فقد قيل: هو العَرْضُ الذي خلاف الطّول، وتصوُّرُ ذلك على أحد وجوه: إمّا أن يريد به أن يكون عَرْضُهَا في النّشأة الآخرة كَعَرْضِ السّموات والأرض في النّشأة الأولى، وذلك أنه قد قال: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ [إبراهيم/ ٤٨] ، ولا يمتنع أن تكون السّموات والأرض في النّشأة الآخرة أكبر ممّا هي الآن. وروي أنّ يهوديّا سأل عمر رضي الله عنه عن هذه الآية فقال: فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار «١» .

وقيل: يعني بِعَرْضِهَا سَعَتَهَا لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرّة، كما يقال في ضدّه:

الدّنيا على فلان حلقة خاتم، وكفّة حابل، وسعة هذه الدار كسعة الأرض، وقيل: العَرْضُ هاهنا من عَرْضِ البيعِ «٢» ، من قولهم: بيع كذا بِعَرْضٍ: إذا بيع بسلعة، فمعنى عَرْضُهَا أي: بدلها وعوضها، كقولك: عَرْضُ هذا الثّوب كذا وكذا. والعَرَضُ: ما لا يكون له ثباتٌ، ومنه استعار المتكلّمون العَرَضَ لما لا ثبات له إلّا بالجوهر كاللّون والطّعم، وقيل: الدّنيا عَرَضٌ حاضرٌ «٣» ، تنبيها أن لا ثبات لها. قال تعالى:

تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ [الأنفال/ ٦٧] ، وقال: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى وَيَقُولُونَ: سَيُغْفَرُ لَنا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ [الأعراف/ ١٦٩] ، وقوله: لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً

[التوبة/ ٤٢] ، أي: مطلبا سهلا.

والتَّعْرِيضُ: كلامٌ له وجهان من صدق وكذب، أو ظاهر وباطن. قال: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ

[البقرة/ ٢٣٥] ، قيل: هو أن يقول لها: أنت جميلةٌ، ومرغوب فيك ونحو ذلك.

[عرف]

المَعْرِفَةُ والعِرْفَانُ: إدراك الشيء بتفكّر وتدبّر لأثره، وهو أخصّ من العلم، ويضادّه الإنكار، ويقال: فلان يَعْرِفُ اللهَ ولا يقال: يعلم الله متعدّيا


(١) أخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: أرأيت قوله: وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فأين النار؟ قال: أرأيت الليل إذا لبس كلّ شيء فأين النهار؟ قال: حيث شاء الله. قال: فكذلك حيث شاء الله. المستدرك ١/ ٣٦.
- وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب أنّ ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن: جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار، وإذا جاء النهار فأين الليل؟ فقالوا: لقد نزعت مثلها من التوراة. راجع: الدر المنثور ٢/ ٣١٥.
(٢) وهذا قول أبي مسلم الأصفهاني محمد بن بحر. قال بيان الحق النيسابوري: وتعسّف ابن بحر في تأويلها فقال:
عرضها: ثمنها لو جاز بيعها، من المعاوضة في عقود البياعات. انظر: وضح البرهان بتحقيقنا ١/ ٢٥١.
(٣) انظر البصائر ٤/ ٤٦، وعمدة الحفاظ: عرض.

<<  <   >  >>