للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالفتح في الأمكنة والأجسام أكثر. قال تعالى:

عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ

[الإنسان/ ٢١] .

وقيل: إنّ (عَلَا) يقال في المحمود والمذموم، و (عَلِيَ) لا يقال إلّا في المحمود، قال: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ [القصص/ ٤] ، لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ [يونس/ ٨٣] ، وقال تعالى: فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ [المؤمنون/ ٤٦] ، وقال لإبليس:

أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ [ص/ ٧٥] ، لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ [القصص/ ٨٣] ، وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ [المؤمنون/ ٩١] ، وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً [الإسراء/ ٤] ، وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا [النمل/ ١٤] . والعَليُّ: هو الرّفيع القدر من: عَلِيَ، وإذا وصف الله تعالى به في قوله:

أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج/ ٦٢] ، إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً [النساء/ ٣٤] ، فمعناه:

يعلو أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين. وعلى ذلك يقال: تَعَالَى، نحو:

تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل/ ٦٣] ، [وتخصيص لفظ التّفاعل لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التّكلّف كما يكون من البشر] «١» ، وقال عزّ وجلّ: تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً [الإسراء/ ٤٣] ، فقوله: (علوّا) ليس بمصدر تعالى. كما أنّ قوله (نباتا) في قوله:

أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [نوح/ ١٧] ، و (تبتيلا) في قوله: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل/ ٨] ، كذلك «٢» . والأَعْلى: الأشرف.

قال تعالى: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات/ ٢٤] ، والاسْتِعْلاءُ: قد يكون طلب العلوّ المذموم، وقد يكون طلب العلاء، أي: الرّفعة، وقوله: وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى

[طه/ ٦٤] ، يحتمل الأمرين جميعا. وأما قوله:

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى

[الأعلى/ ١] ، فمعناه: أعلى من أن يقاس به، أو يعتبر بغيره، وقوله: وَالسَّماواتِ الْعُلى

[طه/ ٤] ، فجمع تأنيث الأعلى، والمعنى: هي الأشرف والأفضل بالإضافة إلى هذا العالم، كما قال: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها [النازعات/ ٢٧] ، وقوله: لَفِي عِلِّيِّينَ

[المطففين/ ١٨] ، فقد قيل هو اسم أشرف الجنان «٣» ، كما أنّ سجّينا اسم شرّ النّيران، وقيل: بل ذلك في الحقيقة اسم سكّانها، وهذا أقرب في العربيّة، إذ كان هذا الجمع يختصّ بالناطقين، قال: والواحد عِلِّيٌ


(١) ما بين [] نقله الزركشي في البرهان ٢/ ٣٩٥.
(٢) إنما هي أسماء مصادر، وانظر في ذلك: المدخل لعلم التفسير ص ٢٩٠ بتحقيقنا.
(٣) انظر: الدر المنثور ٨/ ٤٤٨، والبصائر ٤/ ٩٧.

<<  <   >  >>