للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا فِيها غَوْلٌ [الصافات/ ٤٧] ، نفيا لكلّ ما نبّه عليه بقوله: وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما [البقرة/ ٢١٩] ، وبقوله: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة/ ٩٠] .

[غوى]

الغَيُّ: جهل من اعتقاد فاسد، وذلك أنّ الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقادا لا صالحا ولا فاسدا، وقد يكون من اعتقاد شيء فاسد، وهذا النّحو الثاني يقال له غَيٌّ. قال تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى

[النجم/ ٢] ، وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ [الأعراف/ ١٠٢] . وقوله: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا

[مريم/ ٥٩] ، أي: عذابا، فسمّاه الغيّ لمّا كان الغيّ هو سببه، وذلك كتسمية الشيء بما هو سببه، كقولهم للنّبات ندى «١» .

وقيل معناه: فسوف يلقون أثر الغيّ وثمرته. قال:

وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ

[الشعراء/ ٩١] ، وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ [الشعراء/ ٢٢٤] ، إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ

[القصص/ ١٨] ، وقوله: وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى

[طه/ ١٢١] ، أي: جهل، وقيل: معناه خاب نحو قول الشاعر:

٣٤٦-

ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما

«٢» وقيل: معنى (غَوَى) فسد عيشُه. من قولهم:

غَوِيَ الفصيلُ، وغَوَى. نحو: هوي وهوى، وقوله: إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ

[هود/ ٣٤] ، فقد قيل: معناه أن يعاقبكم على غيّكم، وقيل: معناه يحكم عليكم بغيّكم. وقوله تعالى:

قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ

[القصص/ ٦٣] ، إعلاما منهم أنّا قد فعلنا بهم غاية ما كان في وسع الإنسان أن يفعل بصديقه، فإنّ حقّ الإنسان أن يريد بصديقه ما يريد بنفسه، فيقول: قد أفدناهم ما كان لنا وجعلناهم أسوة أنفسنا، وعلى هذا قوله تعالى: فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ [الصافات/ ٣٢] ، فَبِما أَغْوَيْتَنِي [الأعراف/ ١٦] ، وقال: رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ [الحجر/ ٣٩] .

تمّ كتاب الغين بتوفيق الله


(١) ومثله قوله تعالى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ الله هو المقدّم في الحقيقة، ولكنه تسبب إليه بكفره ومعصيته. وقوله:
مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ الماهد على الحقيقة هو الله، فنسب المهد إليهم لتسببهم إليه بالعمل الصالح. انظر: الإشارة إلى الإيجاز ص ٥٩. [.....]
(٢) هذا عجز بيت، وشطره:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره
وهو للمرقّش، والبيت في المشوف المعلم ٢/ ٥٥٥، واللسان (غوى) .

<<  <   >  >>