للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ

[البقرة/ ١٠٢] ، وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة/ ١٩١] ، وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ [البقرة/ ١٩٣] ، وقال:

وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [التوبة/ ٤٩] ، أي: يقول لا تبلني ولا تعذّبني، وهم بقولهم ذلك وقعوا في البليّة والعذاب. وقال: فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ [يونس/ ٨٣] ، أي: يبتليهم ويعذّبهم، وقال: وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ [المائدة/ ٤٩] ، وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ

[الإسراء/ ٧٣] ، أي: يوقعونك في بليّة وشدّة في صرفهم إيّاك عمّا أوحي إليك، وقوله: فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ

[الحديد/ ١٤] ، أي: أوقعتموها في بليّة وعذاب، وعلى هذا قوله: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً [الأنفال/ ٢٥] ، وقوله: وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

[التغابن/ ١٥] ، فقد سمّاهم هاهنا فتنة اعتبارا بما ينال الإنسان من الاختبار بهم، وسمّاهم عدوّا في قوله: إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ [التغابن/ ١٤] ، اعتبارا بما يتولّد منهم، وجعلهم زينة في قوله: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ ...

الآية [آل عمران/ ١٤] ، اعتبارا بأحوال الناس في تزيّنهم بهم، وقوله: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت/ ١- ٢] ، أي: لا يختبرون فيميّز خبيثهم من طيّبهم، كما قال: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ [الأنفال/ ٣٧] ، وقوله: أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ [التوبة/ ١٢٦] ، فإشارة إلى ما قال: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ ... الآية [البقرة/ ١٥٥] ، وعلى هذا قوله: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ [المائدة/ ٧١] ، والْفِتْنَةُ من الأفعال التي تكون من الله تعالى، ومن العبد كالبليّة والمصيبة، والقتل والعذاب وغير ذلك من الأفعال الكريهة، ومتى كان من الله يكون على وجه الحكمة، ومتى كان من الإنسان بغير أمر الله يكون بضدّ ذلك، ولهذا يذّمّ الله الإنسان بأنواع الفتنة في كلّ مكان نحو قوله: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة/ ١٩١] ، إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ

[البروج/ ١٠] ، ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ

[الصافات/ ١٦٢] ، أي: بمضلّين، وقوله: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ

[القلم/ ٦] . قال الأخفش.

الْمَفْتُونُ: الفتنة، كقولك: ليس له معقول «١» ،


(١) أي: إنّ المفعول هاهنا بمعنى المصدر، ومثله كما ذكر المؤلف: المعقول بمعنى العقل، والميسور بمعنى اليسر والمعسور بمعنى العسر، وأيضا: المحلوف بمعنى الحلف، والمجهود بمعنى الجهد.
وانظر في ذلك الصاحبي ص ٣٩٥.

<<  <   >  >>