للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٣٢] ، وَفاكِهَةً وَأَبًّا [عبس/ ٣١] ، فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ

[الصافات/ ٤٢] ، وَفَواكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ [المرسلات/ ٤٢] ، والفُكَاهَةُ:

حديث ذوي الأنس، وقوله: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ

«١» قيل: تتعاطون الفُكَاهَةَ، وقيل:

تتناولون الْفَاكِهَةَ. وكذلك قوله: فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ

[الطور/ ١٨] .

[فلح]

الفَلْحُ: الشّقّ، وقيل: الحديد بالحديد يُفْلَحُ «٢» ، أي: يشقّ. والفَلَّاحُ: الأكّار لذلك، والفَلَاحُ: الظَّفَرُ وإدراك بغية، وذلك ضربان:

دنيويّ وأخرويّ، فالدّنيويّ: الظّفر بالسّعادات التي تطيب بها حياة الدّنيا، وهو البقاء والغنى والعزّ، وإيّاه قصد الشاعر بقوله:

٣٥٦-

أَفْلِحْ بما شئت فقد يدرك بال ... ضعف وقد يخدّع الأريب «٣»

وفَلَاحٌ أخرويّ، وذلك أربعة أشياء: بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعزّ بلا ذلّ، وعلم بلا جهل. ولذلك قيل: «لا عيش إلّا عيش الآخرة» «٤» وقال تعالى:

وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ [العنكبوت/ ٦٤] ، أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ

[المجادلة/ ٢٢] ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى

[الأعلى/ ١٤] ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها [الشمس/ ٩] ، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون/ ١] ، لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [البقرة/ ١٨٩] ، إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [المؤمنون/ ١١٧] ، فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر/ ٩] ، وقوله: وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى [طه/ ٦٤] ، فيصحّ أنهم قصدوا به الفلاح الدّنيويّ، وهو الأقرب، وسمّي السّحور الفَلَاحَ، ويقال: إنه سمّي بذلك لقولهم عنده: حيّ على الفلاح، وقولهم في الأذان: (حي على الفَلَاحِ) أي: على الظّفر الذي جعله الله لنا بالصلاة، وعلى هذا قوله (حتّى خفنا أن يفوتنا الفلاح) «٥» ، أي: الظّفر الذي جعل لنا بصلاة العتمة.


(١) سورة الواقعة: آية ٦٥. والقول الأصلح في الآية أنها بمعنى تتندمون أو تعجبون، لأنّ أوّل الآية: لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ.
(٢) انظر: المجمل ٣/ ٧٠٥، واللسان (فلح) ، والأمثال ص ٩٦.
(٣) البيت لعبيد بن الأبرص، من قصيدة له مطلعها:
أقفر من أهله ملحوب ... فالقطبيّات فالذّنوب
وهو في ديوانه ص ٢٦، وتفسير القرطبي ١/ ١٨٢.
(٤) الحديث عن أنس بن مالك قال: قالت الأنصار يوم الخندق:
نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا
فأجابهم النبي صلّى الله عليه وسلم: لا عيش إلا عيش الآخرة، فأكرم الأنصار والمهاجرة» . أخرجه البخاري في فضائل الصحابة ٧/ ٩٠، ومسلم برقم ١٨٠٥، وأحمد ٣/ ١٧٠.
(٥) شطر من حديث وفيه: «فجمع نساءه وأهله واجتمع الناس، قال: فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح. قيل: وما الفلاح؟ قال: السحور. قال: ثم لم يقم بنا شيئا من بقية الشهر» .
أخرجه أبو داود برقم (١٣٧٥) ، وابن ماجة ١/ ٤٢٠، والنسائي ٣/ ٨٣: باب من صلّى مع الإمام حتى ينصرف، وأحمد ٥/ ١٦٠.

<<  <   >  >>