للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أشرف منه، وإمّا لما لا يصحّ وجود غيره إلّا بوجوده، كقولك: الواحد مُتَقَدِّمٌ على العدد.

بمعنى أنه لو توهّم ارتفاعه لارتفعت الأعداد، والقِدَمُ: وجود فيما مضى، والبقاء: وجود فيما يستقبل، وقد ورد في وصف الله (يا قَدِيمَ الإحسان) «١» ، ولم يرد في شيء من القرآن والآثار الصحيحة: القَدِيمُ في وصف الله تعالى، والمتكلّمون يستعملونه، ويصفونه به «٢» ، وأكثر ما يستعمل القديم باعتبار الزمان نحو: كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ

[يس/ ٣٩] ، وقوله: قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ

[يونس/ ٢] ، أي: سابقة فضيلة، وهو اسم مصدر، وقَدَّمْتُ كذا، قال: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ

[المجادلة/ ١٣] ، وقال: لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ

[المائدة/ ٨٠] ، وقَدَّمْتُ فلانا أَقْدُمُهُ: إذا تَقَدَّمْتَهُ. قال: يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ

[هود/ ٩٨] ، بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ [البقرة/ ٩٥] ، وقوله: لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ

[الحجرات/ ١] ، قيل: معناه لا تَتَقَدَّمُوهُ. وتحقيقه: لا تسبقوه بالقول والحكم بل افعلوا ما يرسمه لكم كما يفعله العباد المكرمون، وهم الملائكة حيث قال: لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ [الأنبياء/ ٢٧] ، وقوله: لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ

[الأعراف/ ٣٤] ، أي: لا يريدون تأخّرا ولا تقدّما. وقوله: وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ

[يس/ ١٢] ، أي: ما فعلوه، قيل: وقَدَّمْتُ إليه بكذا: إذا أمرته قبل وقت الحاجة إلى فعله، وقبل أن يدهمه الأمر والناس.

وقَدَّمْتُ به: أعلمته قبل وقت الحاجة إلى أن يعمله، ومنه: وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ «٣» و (قُدَّامُ) بإزاء خَلْفُ، وتصغيره قُدَيْدِمَةٌ «٤» ، وركب فلان مَقَادِيمَهُ «٥» ، إذا مرّ على وجهه، وقَادِمَةُ الرّحل، وقادمة الأطباء، وقادمة الجناح، ومُقَدِّمَةُ الجيش، والْقَدُومُ. كلّ ذلك يعتبر فيه معنى التّقدّم.

[قذف]

الْقَذْفُ: الرّمي البعيد، ولاعتبار البعد فيه قيل: منزل قَذَفٌ وقَذِيفٌ، وبلدة قَذُوفٌ: بعيدة،


(١) لم أجده في المرفوع لكن جاء عن محمد بن وزير أنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام، وشكا له، فقال له قل: يا قديم الإحسان ويا من إحسانه فوق كل إحسان ويا مالك الدنيا والآخرة. أخرجه الصابوني. انظر: الرياض النضرة للطبري ١/ ٥٠. ومعلوم أنّ مثل هذا لا تثبت به حجة. [.....]
(٢) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص ٣٣، والمنهاج في شعب الإيمان للحليمي ١/ ١٨٨، والمواقف للإيجي ص ٧٦، وورد اسم القديم في حديث أسماء الله الحسنى، أخرجه ابن ماجة ٢/ ١٢٧٠، وفيه ضعف.
(٣) سورة ق: آية ٢٨.
(٤) يصغّر قديدمة وقديديمة، وهو شاذ. انظر: اللسان (قدم) .
(٥) انظر: المجمل ٣/ ٧٤٥، وأساس البلاغة (قدم) .

<<  <   >  >>