للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ... الآية [النساء/ ٦٩] وقوله: مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها

[الكهف/ ٤٩] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله:

إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها

[الحديد/ ٢٢] قيل: إشارة إلى اللّوح المحفوظ، وكذا قوله: إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج/ ٧٠] ، وقوله: وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام/ ٥٩] ، فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً [الإسراء/ ٥٨] ، لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ [الأنفال/ ٦٨] يعني به ما قدّره من الحكمة، وذلك إشارة إلى قوله: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ

[الأنعام/ ٥٤] وقيل: إشارة إلى قوله: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال/ ٣٣] ، وقوله: لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا

[التوبة/ ٥١] يعني: ما قدّره وقضاه، وذكر «لنا» ولم يقل «علينا» تنبيها أنّ كلّ ما يصيبنا نعدّه نعمة لنا، ولا نعدّه نقمة علينا، وقوله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة/ ٢١] قيل: معنى ذلك وهبها الله لكم، ثم حرّمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل:

كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل: أوجبها عليكم، وإنما قال: «لكم» ولم يقل: «عليكم» لأنّ دخولهم إيّاها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل، فيكون ذلك لهم لا عليهم، وذلك كقولك لمن يرى تأذّيا بشيء لا يعرف نفع مآله:

هذا الكلام لك لا عليك، وقوله: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا [التوبة/ ٤٠] جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلّا، وحكم الله عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [الروم/ ٥٦] أي: في علمه وإيجابه وحكمه، وعلى ذلك قوله: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ

[الرعد/ ٣٨] ، وقوله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ

[التوبة/ ٣٦] أي:

في حكمه. ويعبّر بِالْكِتَابِ عن الحجّة الثابتة من جهة الله نحو: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ

[الحج/ ٨] ، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ [الزخرف/ ٢١] ، فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ

[الصافات/ ١٥٧] ، أُوتُوا الْكِتابَ [البقرة/ ١٤٤] «١» ، كِتابَ اللَّهِ [النساء/ ٢٤] ، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً [فاطر/ ٤٠] ، فَهُمْ يَكْتُبُونَ [الطور/ ٤١] فذلك إشارة إلى العلم والتّحقّق والاعتقاد، وقوله: وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ

[البقرة/ ١٨٧] إشارة في تحرّي النّكاح إلى لطيفة، وهي


(١) الآية: وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ.

<<  <   >  >>