للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لم يعن بقوله: «كِفْلَيْنِ» أي: نعمتين اثنتين بل أراد النّعمة المتوالية المتكفّلة بكفايته، ويكون تثنيته على حدّ ما ذكرنا في قولهم: (لبّيك وسعديك) «١» ، وأما قوله: مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً إلى قوله: يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها

[النساء/ ٨٥] فإنّ الكِفْلَ هاهنا ليس بمعنى الأوّل، بل هو مستعار من الْكِفْلِ «٢» ، وهو الشيء الرّديء، واشتقاقه من الكِفْل «٣» ، وهو أنّ الكفل لمّا كان مركبا ينبو براكبه صار متعارفا في كلّ شدّة، كالسّيساء: وهو العظم النّاتئ من ظهر الحمار، فيقال: لأحملنّك على الكفل، وعلى السّيساء «٤» ، ولأركبنّك الحسرى الرّذايا «٥» ، قال الشاعر:

٣٩١-

وحملناهم على صعبة زو ... راء يعلونها بغير وطاء

«٦» ومعنى الآية: من ينضمّ إلى غيره معينا له في فعلة حسنة يكون له منها نصيب، ومن ينضمّ إلى غيره معينا له في فعلة سيئة يناله منها شدّة.

وقيل: الْكِفْلُ الْكَفِيلُ. ونبّه أنّ من تحرّى شرّا فله من فعله كفيل يسأله، كما قيل: من ظلم فقد أقام كفيلا بظلمه، تنبيها أنه لا يمكنه التّخلّص من عقوبته.

[كفؤ]

الكُفْءُ: في المنزلة والقدر، ومنه: الْكِفَاءُ لشقّة تنصح «٧» بالأخرى، فيجلّل بها مؤخّر البيت. يقال: فلان كفء لفلان في المناكحة، أو في المحاربة، ونحو ذلك. قال تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص/ ٤] ومنه:

الْمُكَافَأَةُ. أي: المساواة والمقابلة في الفعل، وفلان كُفْؤٌ لك في المضادّة، والْإِكْفَاءُ: قلب الشيء كأنه إزالة المساواة، ومنه: الْإِكْفَاءُ في الشّعر «٨» ، ومُكْفَأُ الوجه، أي: كاسد اللّون وكَفِيئُهُ، ويقال لنتاج الإبل ليست تامّة: كَفْأَةٌ «٩» ، وجعل فلان إبله كَفْأَتَيْنِ: إذا لقح كلّ سنة قطعة منها.


(١) انظر: مادة (سعد) . [.....]
(٢) الكفل من الرجال: الذي يكون في مؤخّر الحرب، إنما همته التأخر والفرار. انظر: تهذيب اللغة ١٠/ ٢٥٣.
(٣) لكن قال في اللسان: الكفل لا يشتقّ منه فعل ولا صفة.
(٤) يقال: اركب لكلّ حال سيساءه، والسيساء: ظهر الحمار، ومعناه: اصبر على كل حال. راجع: مجمع الأمثال ١/ ٣٠١.
(٥) الرذايا: جمع الرذيّ، وهو الذي أثقله المرض، والرذيّ من الإبل: المهزول الهالك الذي لا يستطيع براحا ولا ينبعث. اللسان (رذى) .
(٦) البيت تقدّم في مادة (عتب) .
(٧) أي: تخاط. يقال: نصحت الثوب: إذا خطته. والنّصاح: السلك يحاط به. انظر: اللسان (نصح) .
(٨) الإكفاء في الشعر: أن ترفع قافية وتخفض أخرى. انظر: المجمل ٣/ ٧٨٨.
(٩) قال الصغاني: والكفأة والكفأة بالفتح والضم: نتاج الإبل سنة. العباب الزاخر (كفأ) .

<<  <   >  >>