للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإنسان في كلّ حال من التّحلُّل والنَّقص، فإن البشر ما دام في الدّنيا يموت جزءا فجزءا، كما قال الشاعر:

٤٣٠-

يموت جزءا فجزءا

«١» وقد عَبَّرَ قوم عن هذا المعنى بِالْمَائِتِ، وفصلوا بين الميّت والمائت، فقالوا: المائت هو المتحلّل، قال القاضي عليّ بن عبد العزيز «٢» :

ليس في لغتنا مائت على حسب ما قالوه، والْمَيْتُ: مخفَّف عن الميِّت، وإنما يقال: موتٌ مائتٌ، كقولك: شِعْرٌ شَاعِرٌ، وسَيْلٌ سَائِلٌ، ويقال: بَلَدٌ مَيِّتٌ ومَيْتٌ، قال تعالى: فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ

[فاطر/ ٩] ، بَلْدَةً مَيْتاً

[الزخرف/ ١١] وَالمَيْتةُ من الحَيوان: ما زال روحه بغير تذكية، قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة/ ٣] ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً [الأنعام/ ١٤٥] والْمَوَتَانُ بإزاء الحيوان، وهي الأرض التي لم تَحْيَ للزَّرع، وأرض مَوات. ووقع في الإبل مَوَتَانٌ كثير، وناقة مُميتةٌ، ومُميتٌ:

مات ولدها، وإِمَاتَةُ الخمر: كناية عن طَبْخها، والمُسْتَمِيتُ المتعرِّض للموت، قال الشاعر:

٤٣١-

فأعطيت الجعالة مستميتا

«٣» والمَوْتَةُ: شِبه الجنون، كأنه من موْتِ العلم والعقل، ومنه: رجل مَوْتَانُ القلب، وامرأة مَوْتانةٌ.

[موج]

المَوْج في البحر: ما يعلو من غَوارب الماء.

قال تعالى: فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ

[هود/ ٤٢] ، يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ [النور/ ٤٠] ومَاجَ كذا يَمُوجُ، وتَمَوَّجَ تَمَوُّجاً: اضطرب اضطرابَ الموج. قال تعالى: وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [الكهف/ ٩٩] .

[ميد]

المَيْدُ: اضطرابُ الشيء العظيم كاضطراب الأرض. قال تعالى: أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ

[النحل/ ١٥] ،


(١) لم أجده. [.....]
(٢) القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني، كان قاضي القضاة بالري، وهو من الفقهاء الشافعية. وصاحب القصيدة الشهيرة التي يقول فيها:
يقولون لي: فيك انقباض وإنما ... رأوا رجلا عن موقف الذل أحجما
توفي سنة ٣٦٦ هـ. انظر: أخباره في وفيات الأعيان ٣/ ٢٧٨، وطبقات الشافعية ٣/ ٤٥٩، ومعجم الأدباء ١٤/ ١٤.
(٣) هذا شطر بيت لشقيق بن سليك الأسدي، وعجزه:
خفيف الحاذ من فتيان جرم
وهو في شرح الحماسة للتبريزي ٢/ ١٤٢، وقد تقدّم في مادة (جعل) .

<<  <   >  >>