للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقَرُّرِ «١» الشَّرِيعَةِ، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ حُجَجُ الْقَائِلِينَ بِهَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَيْهَا..

فَذَهَبَ سَيْفُ السُّنَّةِ وَمُقْتَدَى فِرَقِ الْأُمَّةِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ «٢» إِلَى أَنَّ طَرِيقَ الْعِلْمِ بِذَلِكَ النَّقْلُ، وَمَوَارِدُ الْخَبَرِ مِنْ طَرِيقِ السَّمْعِ..

وَحُجَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَنُقِلَ، وَلَمَا أَمْكَنَ كَتْمُهُ وَسَتْرُهُ فِي الْعَادَةِ..

إِذْ كَانَ مِنْ مُهِمِّ أَمْرِهِ وَأَوْلَى مَا اهْتُبِلَ «٣» بِهِ مِنْ سِيرَتِهِ، وَلَفَخَرَ بِهِ أَهْلُ تِلْكَ الشريعة ولا حتجوا بِهِ عَلَيْهِ.. وَلَمْ يُؤْثَرْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً.. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ عَقْلًا.. قَالُوا:

لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا مَنْ عُرِفَ تَابِعًا وَبَنَوْا «٤» هَذَا عَلَى التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ «٥» ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَيْرُ سَدِيدَةٍ.

وَاسْتِنَادُ ذَلِكَ إِلَى النَّقْلِ- كَمَا تَقَدَّمَ لِلْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ- أَوْلَى وَأَظْهَرُ وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: «بِالْوَقْفِ فِي أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرْكِ قَطْعِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فِي ذَلِكَ إِذْ لَمْ يُحِلْ أحد الوجهين منها العقل ولا


(١) أي تحققها وظهورها
(٢) تقدمت ترجمته في ج ١ ص «٣٨٥» رقم «١» . وانما مدحه المؤلف اشارة الى ترجيح هذا المذهب وان لا ينبغي العدول عنه وهو أيضا على مذهبه لأنه مالكي لا شافعي كما قد يتوهم من اشعريته.
(٣) اهتبل: بهاء وتاء مثناة فوقية موحدة ومبني للمجهول من الاهتبال وهو شدة الاعتناء.
(٤) (وبنوا) في بعض النسخ غير موجودة.
(٥) أي على التحسين والتقبيح العقليين وهو مذهب المعتزلة وهو عبارة عن تعلق المدح والذم عاجلا والثواب والعقاب آجلا. وأهل السنة يقولون: لا يعرف حسن امر او قبحه الا من جهة الشرع اذ لا دخل للعقل فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>