للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد طعنت فيه الملحدة، وتذرعت «١» بِهِ لِسُخْفِ عُقُولِهَا، وَتَلْبِيسِهَا عَلَى أَمْثَالِهَا، إِلَى التَّشْكِيكِ فِي الشَّرْعِ..

وَقَدْ نَزَّهَ اللَّهُ الشَّرْعَ وَالنَّبِيَّ عَمَّا يُدْخِلُ فِي أَمْرِهِ لَبْسًا وَإِنَّمَا السِّحْرُ مَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ وَعَارِضٌ «٢» مِنَ الْعِلَلِ يَجُوزُ عَلَيْهِ كَأَنْوَاعِ الْأَمْرَاضِ «٣» مِمَّا لَا يُنْكَرُ وَلَا يَقْدَحُ فِي نُبُوَّتِهِ..

وَأَمَّا مَا وَرَدَ من أَنَّهُ كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَلَا يَفْعَلُهُ فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُدْخِلُ عَلَيْهِ دَاخِلَةً فِي شَيْءٍ مِنْ تَبْلِيغِهِ أَوْ شَرِيعَتِهِ، أَوْ يَقْدَحُ فِي صِدْقِهِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى عِصْمَتِهِ مِنْ هَذَا.

وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَا يَجُوزُ طُرُوُّهُ عَلَيْهِ فِي أَمْرِ «٤» دُنْيَاهُ الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ بِسَبَبِهَا، وَلَا فُضِّلَ مِنْ أجلها، وهو فيها عرضة لِلْآفَاتِ كَسَائِرِ الْبَشَرِ، فَغَيْرُ بَعِيدٍ أَنْ يُخَيَّلَ إليه من أمورها مالا حَقِيقَةَ لَهُ ثُمَّ يَنْجَلِي عَنْهُ كَمَا كَانَ..

وَأَيْضًا فَقَدْ فَسَّرَ هَذَا الْفَصْلَ الْحَدِيثُ الْآخَرُ


(١) تذرعت وتوسلت.
(٢) عارض: هو عند الاطباء ما يزول بسرعة من الامراض. وعند الحكماء المتكلمين ما لا يقوم بنفسه.
(٣) فالسحر بهذا له حقيقة مؤثرة ينشأ عنه تغيرات وامراض وهو مذهب الجمهور ويشهد له القرآن والسنة خلافا لمن قال انه تخيل لا حقيقة له. واليه ذهب ابن حزم وغيره. والسحر اذا لم تكن له حقيقة سمي شعبذة.
(٤) وفي نسخة (امور) . وفي أخرى (من امور) .

<<  <  ج: ص:  >  >>