للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَأَقْضِيَ لَهُ» .

ويجري أَحْكَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الظَّاهِرِ وموجب غلبات الظن، بشهادة الشاهدين وَيَمِينِ الْحَالِفِ وَمُرَاعَاةِ الْأَشْبَهِ «١» ، وَمَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ «٢» وَالْوِكَاءِ «٣» مَعَ مُقْتَضَى حِكْمَةِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ.

فَإِنَّهُ تَعَالَى- لَوْ شَاءَ- لَأَطْلَعَهُ عَلَى سَرَائِرِ عِبَادِهِ ومخبئات «٤» ضَمَائِرِ أُمَّتِهِ فَتَوَلَّى الْحُكْمَ بَيْنَهُمْ بِمُجَرَّدِ يَقِينِهِ وَعِلْمِهِ.. دُونَ حَاجَةٍ إِلَى اعْتِرَافٍ أَوْ بَيِّنَةٍ، أَوْ يَمِينٍ، أَوْ شُبْهَةٍ.. وَلَكِنْ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ أُمَّتَهُ بِاتِّبَاعِهِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ، وَقَضَايَاهُ، وَسَيَرِهِ..

وَكَانَ هَذَا لَوْ كَانَ مما يخص بِعِلْمِهِ وَيُؤْثِرُهُ اللَّهُ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْأُمَّةِ سَبِيلٌ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا قَامَتْ حُجَّةٌ بِقَضِيَّةٍ مِنْ قَضَايَاهُ لِأَحَدٍ فِي شَرِيعَتِهِ، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ مَا أُطْلِعَ عَلَيْهِ هُوَ فِي تِلْكَ الْقَضِيَّةِ بِحُكْمِهِ هو إذن فِي ذَلِكَ بِالْمَكْنُونِ مِنْ إِعْلَامِ اللَّهِ لَهُ بِمَا أَطْلَعَهُ عَلَيْهِ مِنْ سَرَائِرِهِمْ.. وَهَذَا مَا لَا تَعْلَمُهُ الْأُمَّةُ.

فَأَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى أَحْكَامَهُ عَلَى ظَوَاهِرِهِمُ الَّتِي يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ هُوَ


(١) الاشبه: ما هو اكثر شبها بالحق.
(٢) العقاص: وعاء من جلد ونحوه يؤخذ فيه ما التقط.
(٣) الوكاء: ما يربط به.
(٤) وهي جمع مخبأة اسم مفعول شدد الباء أي مكنونه غير ظاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>