للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَلْدَ!! أَوْ يَفْعَلُ مِثْلَ ذلك عند الغضب وهو معصوم من هَذَا كُلِّهِ!!.

فَاعْلَمْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَكَ.. أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلًا «لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ» أَيْ عِنْدَكَ يَا رَبِّ فِي بَاطِنِ أَمْرِهِ فَإِنَّ حُكْمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا قَالَ.

وَلِلْحِكْمَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَحَكَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَلْدِهِ أَوْ أَدَّبَهُ بِسَبِّهِ أَوْ لَعْنِهِ بِمَا اقْتَضَاهُ عنده حال ظاهره، ثم دعا له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ، وَرَحْمَتِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّتِي وَصَفَهُ اللَّهُ بِهَا، وَحَذَّرَهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ اللَّهُ فِيمَنْ دَعَا عَلَيْهِ دعوته أن يجعل دعاءه وفعله له رحمة وهو مَعْنَى قَوْلِهِ «لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ» .. لَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُهُ الْغَضَبُ وَيَسْتَفِزُّهُ الضَّجَرُ لِأَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا بِمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مُسْلِمٍ.

وَهَذَا مَعْنًى صَحِيحٌ. وَلَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: «أَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ» أَنَّ الْغَضَبَ حَمَلَهُ عَلَى مَا لَا يَجِبُ.. بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَنَّ الغضب لله حمله على ما لا يجب.. بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَنَّ الْغَضَبَ لِلَّهِ حَمَلَهُ عَلَى مُعَاقَبَتِهِ بِلَعْنِهِ أَوْ سَبِّهِ وَأَنَّهُ مِمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ، وَيَجُوزُ عَفْوُهُ عَنْهُ أَوْ كَانَ مِمَّا خُيِّرَ بَيْنَ الْمُعَاقَبَةِ فِيهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ.

- وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْإِشْفَاقِ وَتَعْلِيمِ أُمَّتِهِ الْخَوْفَ وَالْحَذَرَ مِنْ تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>