للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا وَصَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ «١» : «لَا يَخْلَقُ «٢» عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عِبَرُهُ وَلَا تَفْنَى عَجَائِبُهُ.. هُوَ الْفَصْلُ «٣» لَيْسَ بِالْهَزْلِ لَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ وَلَا تَزِيغُ «٤» بِهِ الْأَهْوَاءُ.. وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ.. هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ حِينَ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا «إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ «٥» » .

وَمِنْهَا: جَمْعُهُ لِعُلُومٍ وَمَعَارِفَ لَمْ تَعْهَدِ الْعَرَبُ عَامَّةً وَلَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ خَاصَّةً بِمَعْرِفَتِهَا وَلَا الْقِيَامِ بِهَا.. وَلَا يُحِيطُ بِهَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَمِ.. ولا يشتمل عليها كتاب على كُتُبِهِمْ..

فَجَمَعَ فِيهِ مِنْ بَيَانِ عَلْمِ الشَّرَائِعِ والتنبه عَلَى طُرُقِ الْحُجَجِ الْعَقْلِيَّاتِ.

وَالرَّدِّ عَلَى فِرَقِ الْأُمَمِ بِبَرَاهِينَ قَوِيَّةٍ وَأَدِلَّةٍ بَيِّنَةٍ سَهْلَةِ الْأَلْفَاظِ مُوجَزَةِ الْمَقَاصِدِ.. رَامَ الْمُتَحَذْلِقُونَ «٦» بَعْدَ أَنْ يَنْصِبُوا أدلة مثلها فلم


(١) رواه الترمذي عن علي مرفوعا بدون قوله: «هو الذي أرشده الجن» ورواه غيره.
(٢) لا يخلق: بفتح الياء وضم اللام ويجوز فتحها أي لا يبلى ولا يتغير حاله بمرور الزمان.
(٣) العقل: أي الجد الفاصل بين الحق والباطل.
(٤) أي لا يضل من اتبعه ويميل الى هوى نفسه الامارة بالسوء.
(٥) فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا سورة الجن ١، ٢.
(٦) المتحذلقون: جمع متحذاق بزنه اسم الفاعل بحاء مهملة وذال معجمه ولام وقاف وهو مدعي الحذق وهو سرعة الفهم (أي قصد مدعي الذكاء في العلم وإقامة البراهين)

<<  <  ج: ص:  >  >>