للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكث في بيته منذ أن نزلت الآية منكس الرأس.

[الفائدة الثانية:]

في مناقب ثابت بن قيس رضي الله عنه:

١- خوفه الشديد من غضب الله- سبحانه وتعالى- عليه وعاقبة السوء ودليله:

أ- اعتزاله الناس جميعا، حتى مجلس النبي صلى الله عليه وسلّم.

ب- جلوسه في بيته منكس الرأس، قال الراوي: (فوجده جالسا في بيته منكّسا رأسه) .

٢- تعظيمه لأوامر الله- سبحانه وتعالى- ونواهيه، حيث وصف ما وقع فيه من رفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلّم بكلمة واحدة بليغة (شر) .

٣- تيقنه من خبر القران الكريم وتصديقه المطلق به، لقوله: (كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلّم فقد حبط عمله) . فذكر (قد) لإفادة التحقيق، بالإضافة إلى ذكره (حبط) بصيغة الماضي، فلم يقل مثلا (فربما يحبط عملي) . وورد في رواية مسلم: (فأنا من أهل النار) .

٤- تحقيره لأمر الدنيا ومن يركن إليها، حيث حكم على نفسه بعد أن تيقن أن عمله قد حبط، قال: (وهو من أهل الأرض) ، ويستنبط منه، تعظيمه لأمر الآخرة وأهلها.

٥- أدبه مع التنزيل وعدم اعتراضه على أوامر الله- سبحانه وتعالى- حيث إن ثابت بن قيس كان جهير الصوت خلقة وجبلّة، قال الإمام النووي- رحمه الله- تعالى:

(وكان ثابت رضي الله عنه جهير الصوت وكان يرفع صوته وكان خطيب الأنصار) «١» . فلم يقل ثابت عندما نزلت الآية: (وما ذنبي أن صوتي جهير، وكيف يعاقبني الله على أمر قد جبلت عليه) . ولم يقل: (أنا لا أرفع صوتي من قلّة أدب ولكني تعودت على ذلك من كوني خطيبا) .

هذه الاعتراضات كلها لم يفكر فيها الصحابة بل لم تخطر على بالهم وعقولهم، فليس عندهم إلا الأدب والتسليم التام، وهو ما ينقصنا في هذه الأيام.

٦- أنه من أهل الجنة، وهي منقبة عظيمة لثابت بن قيس رضي الله عنه ولم تكن البشرى أنه من أهل الجنة فحسب بل جاءت بما هو أعظم من ذلك وهو قوله صلى الله عليه وسلّم: «إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة» «٢» .


(١) انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» (٢/ ١٣٤) .
(٢) البخاري، كتاب: تفسير القران، باب: لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ، برقم: (٤٨٤٦) ، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>