للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَ حفصة، فَقَالَ: «أَلَا تُعَلِّمِينَ هَذِهِ رُقْيَةَ النَّمْلَةِ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الْكِتَابَةَ» «١» .

النَّمْلَةُ: قُرُوحٌ تَخْرُجُ فِي الْجَنْبَيْنِ، وَهُوَ دَاءٌ مَعْرُوفٌ، وَسُمِّيَ نَمْلَةً، لِأَنَّ صَاحِبَهُ يُحِسُّ فِي مَكَانِهِ كَأَنَّ نَمْلَةً تَدِبُّ عَلَيْهِ وَتَعَضُّهُ، وَأَصْنَافُهَا ثَلَاثَةٌ، قَالَ ابن قتيبة وَغَيْرُهُ: كَانَ الْمَجُوسُ يَزْعُمُونَ أَنَّ وَلَدَ الرَّجُلِ مِنْ أُخْتِهِ إِذَا خُطَّ عَلَى النَّمْلَةِ، شَفَى صَاحِبَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَلَا عَيْبَ فِينَا غَيْرَ عُرْفٍ لِمَعْشَرٍ ... كِرَامٍ وَأَنَّا لَا نَخُطُّ عَلَى النَّمْلِ

وَرَوَى الخلال: أَنَّ الشفاء بنت عبد الله كَانَتْ تَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ النَّمْلَةِ، فَلَمَّا هَاجَرَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ قَدْ بَايَعَتْهُ بِمَكَّةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي كُنْتُ أَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ النَّمْلَةِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَهَا عَلَيْكَ، فَعُرِضَتْ عَلَيْهِ فَقَالَتْ: بِسْمِ اللَّهِ ضَلَّتْ حَتَّى تَعُودَ مِنْ أَفْوَاهِهَا، وَلَا تَضُرُّ أَحَدًا، اللَّهُمَّ اكْشِفِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، قَالَ: تَرْقِي بِهَا عَلَى عُودٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَتَقْصِدُ مَكَانًا نَظِيفًا، وَتَدْلُكُهُ عَلَى حَجَرٍ بِخَلِّ خَمْرٍ حَاذِقٍ، وَتَطْلِيهِ عَلَى النَّمْلَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تعليم النساء الكتابة.

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رُقْيَةِ الْحَيَّةِ

قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: «لَا رُقْيَةَ إِلَّا فِي عَيْنٍ، أَوْ حُمَةٍ» «٢» ، الْحُمَةُ: بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِهَا. وَفِي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ» مِنْ حَدِيثِ عائشة: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ «٣» . وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ: لَدَغَ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مِنْ رَاقٍ؟» فقالوا: يا رسول


(١) أخرجه أبو داود وأحمد
(٢) الحمة: بضم الحاء وتخفيف الميم هم السم، والمراد بها ذوات السموم.
(٣) أخرجه ابن ماجه في الطب.

<<  <   >  >>