للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن أقدم ما مدح به الرسول صلى الله عليه وسلّم قصيدة الأعشى التي يقول فيها «١» :

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وعادك ما عاد السليم المسّهدا

وما ذاك من عشق النّساء وإنّما ... تناسيت قبل اليوم خلّة مهددا «٢»

ولكن أرى الدّهر الذي هو خاتر ... إذا أصلحت كفّاي عاد فأفسدا

نبيّ يرى ما لا ترون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وأنجدا

له صدقات ما تغبّ ونائل ... وليس عطاء اليوم مانعه غدا

إذا أنت لم ترحل بزاد من التّقى ... ولاقيت بعد الموت من قد تزوّدا

ندمت على ألاتكون كمثله ... وأنك لم ترصد لما كان أرصدا

ولا تقربن جارة إن سرها ... عليك حرام فانكحن «٣» أو تأبّدا «٤»

والقصيدة مروية في كثير من كتب الأدب (الأغاني- والسيرة- وخزانة الأدب) ولكن العجيب من أمرها أن القسم الثاني منها الذي خص فيه النبي بالمدح، أضعف بكثير من القسم الأول، ويبلغ الضعف في أبياته حد الركاكة والتفاهة. ثم هو متأثر ببعض آيات القرآن في معناها أو في ألفاظها، وقد ألم بتعاليم الإسلام إلماما حسنا. بما يناقض زعم الرواة أنه عاد حين علم أن الإسلام يحرم الخمر «٥» .

وذهب الدكتور زكي مبارك إلى أن الأعشى لم يقل هذا الشعر وهو صادق النية في مدح الرسول وإنما كانت محاولة أراد بها التقرب من نبي الإسلام، وآية ذلك أنه انصرف حين صرفته قريش، ولو كان صادقا ما تحول «٦» ...


(١) الديوان: القصيدة ١٧ ص ١٣٥. محمد صلى الله عليه وسلّم في الشعر الحديث ص. ٣٠- ٣٦
(٢) اسم امرأة.
(٣) النكاح: الزواج. التأبد: التعزب. أي تعفف مبتعدا عن النساء.
(٤) حرك فعل الأمر (تأبّدا) بالفتح لضرورة القافية.
(٥) راجع القصيدة في الديوان ص ١٣٥- ١٣٧.
(٦) المدائح النبوية: ص ١٧.

<<  <   >  >>