للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ [١] وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ صَلاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَأَنَّ تَحْوِيلَ الْقِبْلَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ كَانَ بِهَا، وَاخْتَلَفُوا: كَمْ أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ؟ وَفِي أَيِّ صَلاةٍ كَانَ التَّحْوِيلُ؟ وَفِي صَلاتِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ قَبْلَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ كَيْفَ كَانَتْ؟ فَأَمَّا مُدَّةُ صَلاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ بِالْمَدِينَةِ فَقَدْ رُوِّينَاهُ أَنَّهُ كَانَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ ثَمَانِيَةَ عشر شهرا، وروينا بضعة عشر شهرا.

قَالَ الْحَرْبِيُّ: ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَصَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَمَامَ السَّنَةِ، وَصَلَّى مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ في رجب. وكذلك روينا عن ابن إسحق قَالَ: وَلَمَّا صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ عَنِ الشَّامِ إِلَى الْكَعْبَةِ وَصُرِفَتْ فِي رَجَبٍ عَلَى رَأْسِ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مَقْدَمِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ، وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ تَمَامِ هَذَا الْكَلامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ إِنَّ الْقِبْلَةَ صُرِفَتْ فِي جُمَادَى.

وَقَالَ الْوَاقِدِيُ: إِنَّمَا صُرِفَتْ صَلاةُ الظُّهْرِ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، كَذَا وَجَدْتُهُ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ،

وَالَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنِ الْوَاقِدِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سَعْدٍ: ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: [٢] وَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ وَعَنْ غَيْرِهِمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكان يجب أَنْ يُصْرَفَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، وَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ صَرَفَ وَجْهِي عَنْ قِبْلَةِ يَهُودَ» فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَادْعُ رَبَّكَ وَسَلْهُ، وَجَعَلَ إِذَا صَلَّى إِلَى بَيْتِ المقدس يرفع رأسه إلى السماء، فنزلت [عليه] [٣] قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [٤] فَوُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، إِلَى الْمِيزَابِ،

وَيُقَالُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ من الظهر في مسجده


[ (١) ] سورة البقرة: الآية ١٤٣.
[ (٢) ] وأوله عند ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عباس قال: ...
[ (٣) ] زيدت على الأصل من لفظ ابن سعد.
[ (٤) ] سورة البقرة: الآية ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>