للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي: فثنا الحسين بن عبد الله القطان بالرقة، فثنا عمر بن حفص، فثنا أبو عبد الصمد العمي، فثنا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا طَبَخْتَ فَأَكْثِرِ الْمَرَقَ وَاقْسِمْ فِي أَهْلِكَ وَجِيرَانِكَ» .

رواه مسلم [١] عن أبي كامل، وإسحق بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ بِهِ.

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْجَعَ النَّاسِ، سُئِلَ الْبَرَاءُ: أَفَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ. وَفِيهِ: فَمَا رُئِيَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا رَأَيْتُ أَشْجَعَ وَلا أَنْجَدَ وَلا أَجْوَدَ وَلا أَرْضَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَعَنْ أَنَسٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ،

لَقَدْ فُزِّعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ لَيْلَةً، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا قَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَاسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ عَلَى فَرَسٍ لأَبِي طَلْحَةَ، عرى وَالسَّيْفُ فِي عنقه، وهو يقول: «لن تراعو» .

وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتِيبَةً إِلَّا كَانَ أَوَّلَ مَنْ يَضْرِبُ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: كُنَّا إِذَا حَمِيَ أَوِ اشْتَدَّ الْيَأْسُ وَاحْمَرَّتِ الْحُدُقُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَكُونُ أَحَدٌ أَقْرَبُ إِلَى الْعَدُوِّ مِنْهُ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا،

وَقِيلَ: كَانَ الشُّجَاعُ هُوَ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِهِ مِنَ الْعَدُوِّ، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً وَأَكْثَرَهُمْ عَنِ الْعَوَرَاتِ إِغْضَاءً، قَالَ اللَّه تَعَالَى: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [٢] . وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ- الْحَدِيثَ.

وَعَنْ عَائِشَةَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بَلَغَهُ عَنْ أَحَدٍ مَا يَكْرَهُهُ لَمْ يَقُلْ: مَا بَالُ فُلانٍ يَقُولُ كَذَا، وَلَكِنْ يَقُولُ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَصْنَعُونَ أَوْ يَقُولُونَ كَذَا» .

يَنْهَى عَنْهُ وَلا يُسَمِّي فَاعِلَهُ.

وَعَنْ أَنَسٍ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَانَ لا يُوَاجِهُ أَحَدًا بِمَا يَكْرَهُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَلا سَخَّابًا بِالأَسْوَاقِ، وَلا يُجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ. وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ،

وَعَنْهَا: مَا رَأَيْتُ فَرْجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم قط.

وروى عنه أنه كان في حيائه لا يثبت بصره في وجهه أَحَدٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُكَنِّي عَنْ مَا اضْطَرَّهُ الْكَلامُ إِلَيْهِ مِمَّا يَكْرَهُ. وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم أوسع الناس صدرا، وأصدق


[ (١) ] أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة والآداب باب الوصية بالجار والإحسان إليه (٤/ ٢٠٢٥) .
[ (٢) ] سورة الأحزاب: الآية ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>