للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: ذهب بعض الفقهاء إلى جواز عقد النكاح حالة الإحرام بحج أو عمرة، اعتمادا على الرواية التي نقلت أنه صلّى الله عليه وسلم، عقد على ميمونة أثناء إحرامه.

والذي عليه جماهير الفقهاء أنه لا يجوز للمحرم أن يعقد نكاحا لا لنفسه ولا وكالة عن غيره مطلقا «٣٦» . وذهبت الحنفية إلى أنه لا يحرم للمحرم أن يتولى عقد النكاح مطلقا ذلك لأنهم يفسرون (النكاح) في قوله صلّى الله عليه وسلم: «إن المحرم لا ينكح ولا ينكح» «٣٧» بالجماع.

هذا وقد اعتمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم أربع عمرات وحجّ حجة واحدة روى مسلم بسنده عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته: عمرة من الحديبية في ذي القعدة، وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة في حجته «٣٨» .

[غزوة مؤتة]

وقد كانت في شهر جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة. ومؤتة قرية على مشارف الشام، وهي التي تسمى اليوم: الكرك.

وسببها ما ذكرناه من مقتل الحارث بن عمير الأزدي، رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى ملك بصرى، ولم يقتل لرسول الله صلّى الله عليه وسلم رسول غيره. فندب الناس للخروج إلى الشام، وسرعان ما اجتمع من المسلمين ثلاثة آلاف مقاتل قد تهيؤوا للخروج إلى مؤتة.

ولم يخرج النبي صلّى الله عليه وسلم معهم، وبذلك تعلم أنها في الحقيقة ليست بغزوة وإنما هي سرية، ولكنّ عامة علماء السيرة أطلقوا عليها اسم الغزوة لكثرة عدد المسلمين فيها ولما كان لها من أهمية بالغة.

وقال لهم رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أمير الناس زيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، فإن قتل فليرتض المسلمون منهم رجلا فليجعلوه عليهم «٣٩» .

وأوصاهم صلّى الله عليه وسلم أن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا، وإلا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم» .

قال ابن إسحاق: «ودّع رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه المسلمين وأمراءهم عند خروجهم من المدينة، وفي تلك الأثناء بكى عبد الله بن رواحة، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: أما والله ما بي حبّ الدنيا ولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله تعالى يذكر فيها


(٣٦) انظر مغني المحتاج: ٢/ ٢١٨
(٣٧) رواه مسلم.
(٣٨) مسلم: ٥/ ٦٠ وروى البخاري نحوه.
(٣٩) رواه البخاري، وأحمد وابن سعد في طبقاته، ولكن ليس في البخاري: فإن قتل فليرتض المسلمون منهم رجلا.

<<  <   >  >>