للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[خلاصة عن تاريخ الخلافة الراشدة]

[خلافة أبي بكر الصديق]

اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة، بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتشاوروا فيمن ينبغي أن يخلف رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قيادة المسلمين ورعاية أمورهم، وبعد المذاكرة والمداولة واستعراض طائفة من الاقتراحات، اجتمعت كلمتهم جميعا على أن يكون أول خليفة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم من بعده، خليفته في الصلاة بالمسلمين أيام مرضه، وصدّيقه الأكبر، ومؤنسه في الغار، أبو بكر رضي الله عنه. ولم يكن لعليّ رضي الله عنه رأي مخالف لهذا الإجماع، وتأخّر مبايعته له كان لأمر يتعلق بالخلاف الذي وقع بين أبي بكر وفاطمة رضي الله عنهما، من أجل مسألة ميراثها من رسول الله صلّى الله عليه وسلم «١» .

[أهم ما قام به في مدة خلافته:]

أولا- تجهيزه وتسييره لجيش أسامة. ما إن استقر الأمر لأبي بكر رضي الله عنه، حتى بدأ فسيّر جيش أسامة الذي كان قد أقام بمكان قرب المدينة يقال له (ذو خشب) لما بلغ أسامة مرض رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ولم يبال رضي الله عنه بالآراء التي كانت تفضل تجميد هذا الجيش نظرا لانتشار الرّدة في بعض الصفوف، ولا بالآراء التي ارتأت أن يستبدل بأسامة غيره..

وخرج الصدّيق رضي الله عنه يودّع الجيش، وعلى رأسه أسامة، ماشيا. ولما أراد أسامة أن ينزل ليركب أبو بكر، قال له: والله لا نزلت ولا ركبت.. وأوصاهم أن لا يخونوا ولا يغدروا ولا يغلّوا ولا يمثّلوا ولا يقتلوا طفلا أو امرأة أو شيخا، وأن لا يحرقوا نخلا ولا يقطعوا شجرة، ولا يذبحوا شاة ولا بعيرا إلّا للأكل. وقال لهم: إذا مررتم بقوم تفرغوا للعبادة في الصوامع فدعوهم وما تفرغوا له.

ثم قال الصدّيق رضي الله عنه لأسامة: إن رأيت أن تأذن لعمر بالمقام عندي حتى أستعين برأيه على أمور المسلمين. فقال له أسامة: الأمر بيدك.

ثم سار أسامة، فكان لا يمرّ بقبيلة انتشر فيها الارتداد إلّا أرجعها، لقد كانت الرهبة تشيع في أفئدتهم، موقنين أن المسلمين لو لم يكونوا من القوّة بمكان لما خرجوا في هذا الوقت بمثل هذا الجيش


(١) انظر البداية والنهاية لابن كثير: ٦/ ٣٠١

<<  <   >  >>