للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنك إن شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العورات أهم إليك مما بين يديك» «٤» .

وفيها كانت وقعة جلولاء، وهزم فيها يزدجرد بن كسرى وتقهقر إلى الريّ، وفيها فتحت تكريت، وفيها سار عمر ففتح بيت المقدس وخطب بالجابية خطبته المشهورة، وفيها فتحت قنسرين عنوة، وحلب وأنطاكية ومنبج صلحا، وفي ربيع الأول من هذا العام، كتب التاريخ الهجري بمشورة عليّ رضي الله عنه.

أما في سنة سبع عشرة، فقد زاد في المسجد النبوي، وفيها كان عام الرمادة، واستسقى عمر للناس، متوسلا بالعباس، فارتفع القحط. وقد روى ابن سعد أن عمر لما خرج يستسقي، خرج وعليه برد رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وفي هذه السنة أيضا فتحت الأهواز صلحا «٥» .

[طاعون عمواس:]

وفي سنة ثماني عشرة وقع بالشام طاعون أتى على كثير من جند المسلمين، وبلغ عمر خبره وهو متجه إلى الشام للمرة الثانية، فاستشار الصحابة فاختلفوا في بادئ الأمر، ثم أقبل عبد الرحمن بن عوف فأخبرهم أن النّبي صلّى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم بالوباء ببلد فلا تقدموا عليه وإذا وقع ببلد وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارا منه» ، فعاد عمر بالناس إلى المدينة.

وفي سنة تسع عشرة فتحت قيسارية عنوة.

وفي سنة عشرين فتحت مصر عنوة، وقيل بل فتحت كلها صلحا إلا الإسكندرية فعنوة.

وفيها فتحت المغرب عنوة، وفيها هلك قيصر عظيم الروم، وفيها أجلى عمر اليهود عن خيبر وعن نجران. وفي سنة إحدى وعشرين فتحت الإسكندرية عنوة ونهاوند، ولم يكن للأعاجم بعدها جماعة. وفي سنة اثنتين وعشرين فتحت أذربيجان عنوة وقيل صلحا والدينور عنوة، وهمدان عنوة، وطرابلس الغرب والرّي، وفي سنة ثلاث وعشرين فتحت بقية بلاد الفرس: كرمان وسجستان، وأصبهان ونواحيها. وفي أواخرها حجّ عمر رضي الله عنه، قال سعيد بن المسيب: لما نفر عمر من منى أناخ بالأبطح، ثم استلقى، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط. فما انسلخ شهر ذي الحجة من ذلك العام حتى قتل «٦» . وقد أخرج البخاري عن أسلم أن عمر دعا قائلا: اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، واجعل موتي في بلد رسولك.


(٤) البداية والنهاية: ٧/ ١٠٧، ونهج البلاغة: ٢٠٣
(٥) تاريخ الخلفاء: ١٢٣ وما بعد.
(٦) البداية والنهاية: ٧/ ١٣٧، وتاريخ الخلفاء: ١٢٤

<<  <   >  >>