للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[بلال رضي الله عنه:]

ومن هؤلاء (بلال بن رباح) ، كان سيده أمية بن خلف- إذا حميت الشمس وقت الظهيرة- يقلّبه على الرمال الملتهبة ظهرا لبطن، ويأمر بالصخرة الجسيمة فتلقى على صدره، ثم يقول له: لا تزال هكذا حتى تموت، أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فما يزيد بلال عن ترديد: أحد، أحد ...

[خباب رضي الله عنه:]

ولما اشتدّت ضراوة قريش بالمستضعفين، ذهب أحدهم- خبّاب بن الأرت- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنجد به، قال خباب: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسّد بردة في ظلّ الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟! ألا تدعو لنا؟! فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على رأسه، فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصدّه ذلك عن دينه، والله ليتمّنّ الله تعالى هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، فلا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون» .

ماذا عسى يفعل محمد صلى الله عليه وسلم لأولئك البائسين؟! إنه لا يستطيع أن يبسط حمايته على أحد منهم، لأنّه لا يملك من القوة ما يدفع به عن نفسه، وقد كان في صلاته يرمى عليه- وهو ساجد- بكرش الجزور أو رحم الشاة المذبوحة، وكانت الأنجاس تلقى أمام بيته، فلا يملك إلا الصبر.

إن محمدا صلوات الله وسلامه عليه لم يجمع أصحابه على مغنم عاجل أو اجل، إنه أزاح الغشاوة عن الأعين، فأبصرت الحقّ الذي حجبت عنه دهرا،


- رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الهتهم بخير ... الحديث؛ وأخرجه الحاكم: ٢/ ٣٥٧، عن أبي عبيدة هذا عن أبيه. ثم قال: «صحيح على شرط الشيخين» ووافقه الذهبي. كذا قالا، وقد كنت قديما اغتررت بقولهما، والان تبين لي خطؤهما إذ إن الجماعة رووه عن أبي عبيدة. وهب أن قوله: «عن أبيه» صحيح، فأبوه تابعي وليس بصحابي، فالحديث مرسل إن لم يكن معضلا، ثم إن أبا عبيدة وأباه لم يخرج لهما الشيخان شيئا، بل إن الأول قال فيه ابن أبي حاتم (٤/ ٤٠٢- ٤٠٥) عن أبيه: «منكر الحديث» ، ووافقه ابن معين وغيره؛ فأنى للحديث الصحة؟! بله على شرطهما!. نعم إنما يصح منه نزول الاية في عمار لمجيء ذلك من طرق ساقها ابن جرير. والله أعلم.

<<  <   >  >>