للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاخرة، أن يحلّ عليّ غضبك، أو أن ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوّة إلا بك ... » .

وتحرّكت عاطفة القرابة في قلوب ابني ربيعة، فدعوا غلاما لهما نصرانيا، يدعى (عدّاسا) وقالا له: خذ قطفا من العنب، واذهب به إلى الرجل.

فلما وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه قائلا: «باسم الله» ثم أكل.

فقال عدّاس: إنّ هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

«من أيّ البلاد أنت؟» قال: أنا نصراني من نينوى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمن قرية الرّجل الصّالح يونس بن متّى؟» قال له: وما يدريك ما يونس؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك أخي، كان نبيّا وأنا نبيّ» . فأكبّ عدّاس على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجليه يقبلهما.

فقال ابنا ربيعة أحدهما للاخر: أمّا غلامك فقد أفسده عليك! فلمّا جاء عدّاس قالا له: ويحك ما هذا؟ قال: ما في الأرض خير من هذا الرجل «١» .

فحاول الرجلان توهين أمر محمد، وتمسيك الرجل بدينه القديم، كأنّما عزّ عليهما أن يخرج محمد صلى الله عليه وسلم من الطائف بأيّ كسب.

[[في جوار المطعم بن عدي] :]

وقفل الرسول عليه الصلاة والسلام عائدا إلى مكة، إلى البلد الذي لفظ خيرة أهله، فهاجر بعضهم إلى الحبشة، وأكره الباقي على معاناة العذاب الواصب، أو الفرار إلى شعف الجبال.

وقال زيد بن حارثة: كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟.

فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: «يا زيد، إنّ الله جاعل لما ترى فرجا ... » .


(١) أخرج هذه القصة ابن إسحاق: ١/ ٢٦٠- ٢٦٢، بسند صحيح عن محمد بن كعب القرظي مرسلا، لكن قوله: «إن أبيتم فاكتموا عليّ ذلك» وقوله: «اللهم إليك أشكو ... » إلخ، الدعاء، ذكرهما بدون سند، وكذلك رواه ابن جرير: ٢/ ٨٠- ٨١، من طريق ابن إسحاق، وروى هذه القصة الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن جعفر مختصرا، وفيه الدعاء المذكور بنحوه، قال الهيثمي (٦/ ٣٥) : «وفيه ابن إسحاق وهو مدلّس ثقة، وبقية رجاله ثقات» فالحديث ضعيف.

<<  <   >  >>