للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[قريش والإسراء:]

فلمّا كانت صبيحة هذه الليلة المشهودة حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بما تمّ له، وما شهد من ايات ربّه الكبرى.

والذين كذّبوا أن يقع وحي على الأرض أتراهم يصدّقون به في السماء؟!.

لقد طاروا يجمع بعضهم بعضا؛ ليسمعوا هذه الأعجوبة، فيزدادوا إنكارا لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وريبة من أمره، وتحدّاه بعضهم أن يصف بيت المقدس، إن كان راه هذه الليلة حقا!.

عن جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لمّا كذّبتني قريش، قمت في الحجر، فجلّى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه» !! «١» .

ويقول الدكتور هيكل: «أحسبك لو سألت الذين يقولون بالإسراء بالروح في هذا؛ لما رأوا فيه عجبا، بعد الذي عرف العلم في وقتنا الحاضر من إمكان التنويم المغناطيسي للتحدّث عن أشياء واقعة في جهات نائية ...

فما بالك بروح يجمع واحدة الحياة الروحية في الكون كله؟! ويستطيع- بما وهب الله له من قوة- أن يتّصل بسر الحياة من أزل الكون إلى أبده!» .

ونحن لا نعلّق كبير اهتمام لمعرفة الطريق التي تمّ بها الإسراء والمعراج، كلا الأمرين حق ترك ثماره في نفس الرسول صلى الله عليه وسلم، فاستراح إلى حمد الخالق، وقلّ اكتراثه لذمّ الهمل من الجاحدين والجاهلين، ثم نشط إلى متابعة الدعوة، موقنا أنّ كلّ يوم يمرّ بها هو خطوة إلى النصر القريب..

ويزعم بعض الكتّاب أنّ فريقا من المسلمين ارتدّ عقب الإسراء والمعراج


- وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» أخرجه أحمد: ٣/ ٢٢٤؛ وأبو داود: ٢/ ٢٩٨، وسنده صحيح، وقد روي مرسلا. ولكن المسند أصح كما قال العراقي في تخريج الإحياء: ٣/ ١٢٣، ولأنس حديث اخر في رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء الخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون، أخرجه ابن حبان في صحيحه، رقم (٥٢) ، وغيره، وفي الباب أحاديث أخرى عن جماعة من الصحابة ذكر بعضها ابن كثير في تفسير سورة الإسراء، فليراجعها من شاء.
(١) حديث صحيح، أخرجه البخاري: ٧/ ١٥٧- ١٥٩؛ ومسلم: ١/ ١٠٨؛ وابن حبان، رقم (٥٤) وغيرهم، وله شاهد مفصل من حديث ابن عباس أخرجه أحمد، رقم (٢٨٢٠) ، بسند صحيح.

<<  <   >  >>