للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبين عدوّه» «١» .

وقال: «قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم إلا الخروج، فعليكم بتقوى الله، والصبر عند البأس، وانظروا ما أمركم الله به فافعلوه» «٢» .

ثم خرج في ألف رجل حتى نزل ب (أحد) ؛ إلا أنّ عبد الله بن أبي انسحب في الطريق بثلث الناس قائلا: ما ندري علام نقتل أنفسنا؟ ومحتجا بأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم ترك رأيه وأطاع غيره.

فتبعهم عبد الله بن عمرو- والد جابر بن عبد الله- ينصحهم بالثبات، ويؤنّبهم على العودة، ويذكّرهم بواجب الدفاع عن المدينة ضد المغيرين إذا لم يكن لهم إيمان بالله واليوم الاخر وثّقه بالإسلام ورسوله.

فأبى (ابن أبيّ) الاستماع إليه، وفيه وفيمن انسحب معه نزلت الاية:

وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ [ال عمران: ١٦٧] .

عسكر المسلمون بالشّعب من (أحد) في عدوة الوادي، جاعلين ظهرهم إلى الجبل، ورسم النبيّ صلى الله عليه وسلم الخطة لكسب المعركة، فجاءت محكمة رائعة؛ وزّع الرماة على أماكنهم وأمّر عليهم عبد الله بن جبير- وكانوا خمسين رجلا- وقال:

«انضحوا الخيل عنّا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا!! إن كانت الدائرة لنا أو علينا فالزموا أماكنكم، لا نؤتينّ من قبلكم» «٣» !! وفي رواية قال لهم: «احموا ظهورنا، إن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا نغنم فلا تشركونا!» .


(١) رواه ابن هشام: ٢/ ١٢٦- ١٢٨، عن ابن إسحاق عن الزهري وغيره مرسلا؛ وقد وصله أحمد: ٣/ ٣٥١، من طريق ابن الزبير عن جابر نحوه، وسنده على شرط مسلم، غير أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه. ولكن له شاهد من حديث ابن عباس الذي أخرجه البيهقي كما في (البداية) : ٤/ ١١ بسند حسن، فالحديث صحيح؛ وقد رواه أحمد أيضا، رقم (٢٦٠٩) ؛ والحاكم: ٢/ ١٢٨- ١٢٩- ٢٩٦- ٢٩٧، وصحّحه، ووافقه الذهبي، وهو حديث طويل في غزوة أحد سيأتي بعض فقراته في الكتاب.
(٢) ذكره ابن كثير: ٤/ ١٢- ١٣، من رواية موسى بن عقبة معضلا.
(٣) حديث صحيح، أخرجه ابن هشام: ٢/ ١٢٩، عن ابن إسحاق بدون إسناد، وله شواهد كثيرة، منها عن البراء بن عازب، أخرجه البخاري: ٧/ ٢٨٠؛ وأبو داود: ١/ ٤١٥؛ وأحمد: ٤/ ٢٩٣، ٢٩٤، ومنها عن ابن عباس وهو الرواية الثانية التي في الكتاب. أخرجه أحمد والحاكم وصحّحه كما تقدم قريبا.

<<  <   >  >>