للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يزالون على غوايتهم، فقد نظروا إلى المسلمين ثم سبّوا رسول الله ونساءه سبّا قبيحا.

فرأى عليّ أن يصرف النبيّ صلى الله عليه وسلم بعيدا عن أولئك السفهاء، فاعترض طريقة وهو مقبل قائلا: يا رسول الله! لا عليك أن تدنو من هؤلاء الأخابث، فقال:

«لم؟ أظنّك سمعت لي منهم أذى؟» قال: نعم يا رسول الله! قال: «لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا» .

فلما دنا من حصونهم قال: «يا إخوان القردة، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته؟» «١» قالوا: يا أبا القاسم! ما كنت جهولا.

هذه خلال اليهود، يسفهون إذا أمنوا، ويقتلون إذا قدروا، ويذكّرون الناس بالمثل العليا إذا وجلوا؛ ليستفيدوا منها واحدهم لا لشيء اخر.

أما العهود، فهي اخر شيء في الحياة يقفون عنده.

على أنّ سفاهتهم لم تغنهم، فقد أحكم المسلمون الحصار عليهم، وأمسكوا بخناقهم فاستيقن القوم أنّ الاستسلام لا محيص عنه، وامتلأت قلوبهم باليأس والفزع.

قال (كعب) سيد بني قريظة: يا معشر يهود! قد نزل بكم من الأمر ما ترون، وإنّي عارض عليكم خلالا ثلاثا، فخذوا أيها شئتم، قالوا: وما هي؟.

قال نتابع هذا الرجل ونصدّقه، فو الله لقد تبيّن لكم أنّه لنبيّ مرسل، وأنه للّذي تجدونه في كتابكم، فتأمنون به على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم.

قالوا: لا نفارق حكم التوارة أبدا، ولا نستبدل به غيره.

قال: فإذا أبيتم عليّ فهلمّ فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج إلى محمّد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف، لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد وأصحابه، فإن نهلك، نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه، وإن نظهر، فلعمري لنجدنّ النساء والأبناء.

قالوا: نقتل هؤلاء المساكين؟ فما خير العيش بعدهم.

قال: فإن أبيتم عليّ هذه، فإن الليلة ليلة السبت، وإنّه عسى أن يكون


(١) ضعيف، أخرجه ابن إسحاق عن الزهري مرسلا؛ وعنه ابن هشام: ٢/ ١٩٤- ١٩٥؛ ورواه الحاكم: ٣/ ٣٤- ٣٥، من حديث ابن عمر؛ وإسناده ضعيف.

<<  <   >  >>