للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حمر النعم» «١» .

وإنما ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا النصح الرشيد، حتى يقطع تطلّع النفوس إلى المغانم المعجلة، فإنّ ثروة يهود- إذا هزموا- ضخمة، ولكنّ ثواب مقاتليهم- إذا اهتدوا- أضخم.

ولو نزل القوم على أحكام الله، وتركوا الخلال الدنيئة التي عاشوا بها، وعاملوا الناس بسوئها لأراحوا واستراحوا، غير أنّهم أبوا إلا الحرب، فهاجمهم عليّ، وشدّد النكير، حتى سقط الحصن، واحتله المسلمون.

وكان الشعار يوم خيبر: يا منصور! أمت أمت.

وخرج من حصون اليهود فارس يدعى (مرحبا) فنادى في المسلمين: من يبارز؟ وهو ينشد:

قد علمت خيبر أنّي مرحب ... شاكي السّلاح بطل مجرّب

أطعن أحيانا، وحينا أضرب ... إذا اللّيوث أقبلت تحرّب

فقيل: فتك به عليّ بن أبي طالب، وقيل: بل قتله محمّد بن مسلمة «٢» ، وكان محمود بن مسلمة أخوه قد ألقيت عليه في أثناء الحصار رحى فصرعته، فثأر محمد له بقتل مرحب، وبرز بعد قتل مرحب أخوه ياسر، فتصدّى له الزبير، وكانت صفية أمّ الزبير بين النسوة اللائي خرجن مع الجيش معاونات في قتال بني إسرائيل، فخشيت على ابنها أن يقتل، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «بل ابنك يقتله إن شاء الله» ، فصرع الزبير ياسرا «٣» .

وتشبّث اليهود بما بقي من حصونهم، يذودون عنها ذياد الييئس، وشدّد المسلمون عليهم الحصار، يريدون الانتهاء من هذا القتال مسرعين، فقد أجهداهم الجوع وضاق بهم المقام، وأصيب كثير منهم بعلل شتى لرداءة الجوّ ووخامة


(١) حديث صحيح، أخرجه البخاري: ٧/ ٣٨٤- ٣٨٥؛ ومسلم: ٧/ ١٢١- ١٢٢، عن سهل بن سعد.
(٢) قلت: والصحيح الأول؛ لأنه ثابت في صحيح مسلم: ٥/ ٩٥؛ والمستدرك للحاكم: ٤/ ٣٩، من حديث سلمة بن الأكوع، وقد قال الحاكم (٣/ ٤٣٧) : «إنّ الأخبار كثيرة متواترة أن قاتل مرحب هو علي» .
(٣) ضعيف، أخرجه ابن هشام: ٢/ ٢٣٩، من طريق ابن إسحاق، عن هشام بن عروة معضلا.

<<  <   >  >>