للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن مسلمة اليوم بحاجة ماسّة إلى أن تعرف هذه الدروس.

[[مكانة القادة الثلاثة في الجنة] :]

تحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن قادة الجيش الذين قتلوا، فقال لأصحابه: «ما يسرّهم أنّهم عندنا» «١» . أجل، إنّ الجوار الذي صاروا إليه أحبّ لنفوسهم، وأقرّ لعيونهم من الدنيا وما فيها ومن فيها. أما أسرهم ففي كفالة الله، وهو نعم المولى ونعم النصير.

عن عبد الله بن جعفر- ابن الشهيد- جاءنا النبيّ صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث من موت جعفر فقال: «لا تبكوا على أخي بعد اليوم، وادعوا لي بني أخي» .

قال عبد الله: فجيء بنا كأننا أفراخ، فقال: «ادعوا إليّ الحلّاق» ، فجيء بالحلّاق، فحلق رؤوسنا، ثم قال الرسول عليه الصلاة والسلام- مداعبا-: «أمّا محمّد فشبيه عمنا أبي طالب، وأمّا عبد الله فشبيه خلقي وخلقي» ، ثم أخذ بيدي فأشالها، وقال: «اللهمّ اخلف جعفرا في أهله، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه» .

قالها ثلاث مرات.

قال عبد الله: وجاءت أمّنا فذكرت له يتمنا، وجعلت تحزّنه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «العيلة تخافين عليهم وأنا وليّهم في الدّنيا والاخرة؟!» «٢» .

ولم ير المسلمون في نتائج (مؤتة) ما يسكن ثائرتهم، فإن القبائل المنتصرة بالشمال استظهرت بالرومان على مقاتلتهم، واستطاعت بذلك النجاة من عدوانها على الحارث بن عمير، ولا بدّ من قذف الرعب في قلوبها، وإشعارها بأنّ بعوث الإسلام لا تلقى هذا الهوان. وهكذا اتجه نشاط المسلمين العسكري إلى ميدان جديد بعيد.


(١) حديث صحيح، أخرجه البخاري: ٦/ ١٣٥، من حديث أنس المتقدم في رواية له، لكن بلفظ: «ما يسرني؛ أو قال: ما يسرهم..» على الشك.
(٢) حديث صحيح، أخرجه أحمد، رقم (١٧٥٠) بإسناد صحيح على شرط مسلم، وبعضه عند أبي داود والنسائي والحاكم وصحّحه ووافقه الذهبي.

<<  <   >  >>