للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد حرموا جميعا أعطية حنين، وهم الذين نودوا وقت الشدة، فطاروا يقاتلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى تبدّل الفرار انتصارا، وها هم أولاء يرون أيدي الفارين تعود ملأى.

أما هم.. فلم يمنحوا شيئا قط؟.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم يوم حنين، وقسم للمتألفين من قريش وسائر العرب ما قسم، ولم يكن في الأنصار شيء منها قليل ولا كثير، وجد هذا الحيّ من الأنصار في أنفسهم، حتى قال قائلهم: لقي والله- رسول الله قومه. فمشى سعد بن عبادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن هذا الحي من الأنصار وجدوا عليك في أنفسهم؟ قال: «فيم؟» قال: فيما كان من قسمك هذه الغنائم في قومك وفي سائر العرب، ولم يكن فيهم من ذلك شيء.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين أنت من ذلك يا سعد؟» قال: ما أنا إلا امرؤ من قومي.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجمع لي قومك في هذه الحظيرة، فإذا اجتمعوا فأعلمني» .

فخرج سعد فصرخ فيهم، فجمعهم في تلك الحظيرة ... حتى إذا لم يبق من الأنصار أحد إلا اجتمع له أتاه، فقال: يا رسول الله! اجتمع لك هذا الحيّ من الأنصار حيث أمرتني أن أجمعهم.

فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام فيهم خطيبا، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: «يا معشر الأنصار! ألم اتكم ضلّالا فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألّف الله بين قلوبكم؟» قالوا: بلى! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ألا تجيبون يا معشر الأنصار؟!» .

قالوا: وما نقول يا رسول الله، وبماذا نجيبك؟ المنّ لله ورسوله.

قال: «والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدّقتم: جئتنا طريدا فاويناك، وعائلا فاسيناك، وخائفا فامنّاك، ومخذولا فنصرناك ... » .

فقالوا: المنّ لله ورسوله.

فقال: «أوجدتم في نفوسكم- يا معشر الأنصار- في لعاعة من الدنيا تألّفت

<<  <   >  >>