للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: وكان في الجيش رجل منافق، فقالوا: ويحك هل بعد هذا من شيء؟ فقال: سحابة مارة!.

وفي الطريق مرّ المسلمون بالديار التي كانت ثمود تسكنها، وهي أطلال هامدة، واثار بقيت تذكّر بغضب الله على من كذّبوا رسله، وتعجّلوا عقابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم» «١» .

والظاهر أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم يريد ألا يغافل المسلمون عن مواطن العظة، وألا يستهينوا بما خلا قبلهم من مثلات، فإنّ المرء لو قيّض له أن يزور السجون، ويشهد مثلا غرفة الإعدام؛ فليس يليق أن ينظر إلى حبل المشنقة وهو شارد أو ضاحك، لا أقلّ من بعض الأسى لأحوال المجرمين ومصارعهم!.

وروى أحمد عن جابر: لما مرّ النبي صلى الله عليه وسلم بالحجر، قال: «لا تسألوا الايات خوارق العادات- فقد سألها قوم صالح، فبعث الله لهم ناقة، فكانت ترد من هذا الفجّ، وتصدر من هذا الفجّ، فعتوا عن أمر ربّهم فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما، فأخذتهم صيحة أهمد الله بها من تحت أديم السّماء منهم» «٢» .


- الحافظ في (اللسان) : ٤/ ١٢٩، وذكر أنّ العقيليّ أورده في: (الضعفاء) ثم ساق له حديثين، ثم قال: «ولا يتابع على الحديثين جميعا» ، نعم قد أورد الحديث الهيثمي في (المجمع) : ٦/ ١٩٤- ١٩٥، ثم قال: «رواه البزار والطبراني في الأوسط، ورجال البزار ثقات» ، فإذا صحّ هذا، فالحديث حسن- إن شاء الله- أو صحيح.
(١) صحيح، أخرجه أحمد، رقم (٥٢٢٥، ٥٣٤٢، ٥٤٠٤، ٥٤٤١، ٥٦٤٥، ٥٧٠٥، ٥٩٣١، ٦٥٦١) ، من حديث ابن عمر، وهذا أحد ألفاظه، وأخرجه البخاري: ٨/ ١٠٢؛ ومسلم: ٨/ ٢٢١، نحوه.
(٢) في المسند: ٣/ ٢٩٦، من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر. وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه (٥/ ١١) : «إسناده صحيح» ، وكذلك صحّحه الحاكم من هذا الوجه: ٢/ ٣٤٠- ٣٤١؛ ووافقه الذهبي. واقتصر الحافظ في (الفتح) : ٦/ ٢٩٤، على تحسينه، وهذا أقرب. وفي كل ذلك عندي نظر! فقد تعلمنا منهم أن أبا الزبير مدلس، وأنّه لا تقبل روايته المعنعنة، إلا إذا كانت من رواية الليث بن سعد عنه وهذه ليست منها! وقد قال الذهبي: «وفي صحيح مسلم عدّة أحاديث لم يوضح فيها أبو الزبير السماع عن جابر ولا هي من طريق الليث منه، ففي القلب منها شيء» . قلت: فكيف يصحّ إذن ما ليس منها في صحيح مسلم كهذا؟!.

<<  <   >  >>