للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما يئسوا سألوه ألا يكسروا أوثانهم بأيديهم، أجابهم إلى ذلك بإرسال من يكسرها لهم.

وسألوه أن يضع عنهم الصلاة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا خير في دين بلا صلاة» «١» .

وعاد الوفد إلى الطائف، ومعه المغيرة بن شعبة وأبو سفيان بن حرب، ليهدما اللات، وكان هدم اللات يوما مشهودا، فإنّ نسوة ثقيف خرجن حاسرات الرؤوس، يبكين ويصرخن، وهن يرين الفؤوس تهدم إلههن، وطالما خشعن له، وذبحن حوله، وسقن له النذور.

ويروى أنّ المغيرة كلّما هوى بالفأس على بنيان الصنم قال أبو سفيان:

واها لك! اها لك! تأسفا، ولعلّه كان يسخر، أو يواسي نساء ثقيف ...

ولا مراء في أنّ استسلام ثقيف، ثم دخولها الإسلام يعدّ كسبا كبيرا، وفتحا جديدا، فلم يبق قبيل عزيز الجانب في الجزيرة إلا وقد دان لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أما القبائل التي لما تزل على جاهليتها، فهي أوزاع، توشك أن تستبين الحق وتستريح له، إنّ الليل المضروب عليها لن يطول سواده، بل إنّ تباشير الفجر قد خالطته هنا وهناك حتى لم يبق لظلمته مكان تتشبث به.

قال ابن إسحاق: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وفرغ من تبوك، وأسلمت ثقيف وبايعت، ضربت إليه وفود العرب من كلّ وجه.

وإنّما كانت العرب تربّص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش، وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم، وأهل البيت الحرام، وصريح ولد إسماعيل وقادة العرب، لا ينكرون ذلك- وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه.

فلما افتتحت مكة ودانت له قريش ودوّخها الإسلام، عرفت العرب أنّها لا


(١) ضعيف، ذكره ابن هشام: ٢/ ٣٢٥- ٣٢٦، عن ابن إسحاق معضلا، والجملة الأخيرة وصلها أبو داود: ٢/ ٤٢؛ وأحمد: ٥/ ٢١٨، عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص مرفوعا نحوها. ورجاله ثقات لكن الحسن- وهو البصري- مدلس، وقد عنعنه.

<<  <   >  >>