للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرفيق الأعلى

[[شكوى النبي صلى الله عليه وسلم] :]

شعر الرسول صلى الله عليه وسلم بوعكة المرض الذي نزل به أواخر صفر من السنة الحادية عشرة، وبدأت الامه صداعا حادا، عاناه في سكون حتى ثقل عليه الوجع وهو في بيت زوجه ميمونة.. فلم يستطع الخروج.

وأذن له نساؤه أن يمرّض في بيت عائشة؛ لما رأين من ارتياحه إلى خدمتها له.

فخرج من عند ميمونة بين الفضل بن العباس وعليّ بن أبي طالب رضي الله عنهم.

وكان الألم قد أوهى قواه، فلم يستطع مسيرا.

فانتقل بينهما معصوب الرأس، تخطّ قدماه على الأرض حتى انتهى إلى بيتها «١» .

واشتدّت وطأة المرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتّقدت حرارة العلّة في بدنه.

فطلب أن يأتوه بما يتبرّد به ... ماء كثير!!: «أهريقوا عليّ سبع قرب من ابار شتّى ... » .

قالت عائشة: فأقعدناه في مخضب لحفصة، ثم صببنا عليه الماء، حتى طفق يقول: «حسبكم، حسبكم» «٢» .

وعند ما أحسّ الرسول صلى الله عليه وسلم بأن سورة الحرّ خفّت عن بدنه، استدعى الفضل ابن عمه العباس فقال: «خذ بيدي يا فضل» . وهو موعوك معصوب الرأس، قال الفضل: فأخذت بيده حتى دخل المسجد، وجلس على المنبر. ثم قال: «ناد في الناس» ، فاجتمعوا إليه.

وكانت ظهيرة تظللها الكابة، وتغمرها الرقّة، اشرأبّت فيها الأعناق إلى


(١) صحيح، رواه ابن هشام: ٢/ ٣٦٦ و ٣٦٨، عن ابن إسحاق بسنده الصحيح عن عائشة؛ ورواه الحاكم: ٣/ ٥٦، من طريق أخرى عنها وصحّحها.
(٢) صحيح، أخرجه ابن إسحاق عن عائشة بسنده السابق، وهو في البخاري: ٨/ ١١٥- ١١٦؛ ومسلم: ٢/ ٢١- ٢٢، نحوه.

<<  <   >  >>