للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الصليبية فهي كالنبات المتسلق في خط الاستواء؛ تعتمد في بقائها على الالتحاق بالفلسفات السائدة والنظم الغالبة، كي تضمن حياة- أي حياة- لدعائمها الأولى من تثاليث وقرابين.

والمسلمون سرت إليهم لوثات الاحتراف، والتعلق بالقشور والمراسيم، وردتهم رذائل الضعف والجهالة إلى أحوال أشبه بما كان يسود اليهود والنصارى على عصر النبوة والخلافة الراشدة. وقلة يسيرة منهم هي التي بقيت إلى يوم الناس هذا تغالب الجاهلية وتتشبث بالحق «١» .

وإذا كان مما يعين على الأمل أن الإسلام ظلّ من الناحية العلمية محفوظا في مصدريه الخطيرين: الكتاب والسنّة، فإنّ هذا العلم المصون لا يغني أبدا عن العمل.

على أن الذين يعملون للإسلام عملا صحيحا يلقون مقاومة عنيفة من شتى الجبهات الاخرى، أعني الجبهات التي قاومت امتداده من أربعة عشر قرنا، ولم تبرد عداوتها له يوما.

قد يسأل سائل: هل العالم اليوم بحاجة إلى الإسلام؟.

ونقول: إذا كان العالم بحاجة إلى أن يعرف الله، ويستعد للقائه، ويقدم حسابا على ما أدى في هذه الدنيا، فلا بدّ له من الإسلام.

إن الارتقاء المادي لا يغني فتيلا عن التقيد بهذه الحقائق الكبيرة.

قد يقال: لكن من الناس من لا يؤمن بإله قائم أو يوم اخر!.

ومنهم من يؤمن بذلك على نحو غير ما جاء به الإسلام.

فدعوا الناس وما يرون ...

ونقول: لير الناس ما يشاؤون، ولكن ليس من حقّ العميان أن يخلعوا عيني المبصر، أو يضيّقوا عليه الخناق، لأنه يرى ما لا يرون!.

فليدعوه يمشي بهدي بصره، وليدعوه كذلك يصف ما يرى في طريقه وما يتوقع.


(١) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» . رواه أحمد بإسناد حسن، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه. (ن) .

<<  <   >  >>