للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعالم فقد رشده، وأن يمحو بها الأوهام من حياة مرّغتها الأوهام في الرغام، ما تجدي وقفة جهول أو غضبة مغرور في منع هذه الرسالة الكبيرة من المضي إلى هدفها البعيد؟!.

إن الطحالب العائمة لا توقف السفن الماخرة، ولئن نقم الجاهليون على المسلمين مروقهم من بين قومهم بهذه الدعوة- حتى ليسمّونهم الصّباة- فإنّ المسلمين لأشدّ نقمة عليهم؛ أن سفّهوا أنفسهم، وحقّروا عقولهم، وتشبثوا بخرافات ما أنزل الله بها من سلطان.

إن الدعوة التي بدأ بها محمد صلى الله عليه وسلم من بطن مكة لم تكن لبناء وطن صغير، بل كانت إنشاء جديدا لأجيال وأمم، تظل تتوراث الحق، وتندفع به في رحاب الأرض، إلى أن تنتهي من فوق ظهر الأرض قصة الحياة والأحياء.

فماذا تصنع خصومة فرد أو قبيلة لرسالة هذا شأنها في حاضرها ومستقبلها؟! ومن أولئك الخصوم؟!:

*.. متعصبون، تحجّرت عقولهم، تزيّن لهم سطوتهم البطش بمن يخالفهم:

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا ... [الحج: ٧٢] .

*.. أم مترفون، سرّتهم ثروتهم، يحبون الباطل؛ لأنه على أرائك وثيرة، ويكرهون الحقّ، لأنه عاطل عن الحلي والمتاع:

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) [مريم] .

*.. أم متعنّتون، يحسبون هداية الرحمن عبث صبية، أو أزياء غانية، فهم يقولون: دع هذا وهات هذا:

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ ... [يونس: ١٥] .

*.. أم مهرّجون، يتواصون بينهم بافتعال ضجّة عالية، وصياح منكر عند ما تقرأ الايات، حتى لا تسمع فتفهم فتترك أثرا في عقل نقي وقلب طيب:

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) [فصلت] .

لو أنّ أهل مكة تردّدوا في تصديق محمد صلى الله عليه وسلم حتى يبحثوا أمره، ويمحّصوا

<<  <   >  >>