للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فى الوقت الذى لا نستطيع فيه أن نتوقع أن تكون امرأة تاجرة من أهل مكة فى القرن السادس* غافلة عن العوامل المادية، فان لدينا الكثير من الأسباب التى تجعلنا نعتقد أن خديجة (رضى الله عنها) قد أدركت بعضا من قدرات محمد (عليه الصلاة والسلام) الروحية، وأنها انجذبت اليها. ومن المؤكد أنها لعبت دورا هاما فى الأوقات الحرجة من حياته؛ وذلك بتشجيعه على الاستمرار فى طريقه كنبى. بالاضافة الى ذلك، كان ابن عمها ورقة بن نوفل بن أسد رجلا ذا عقلية دينية دعته فى النهاية الى أن يكون مسيحيا «١٠» ، ويكاد يكون من المؤكد أن خديجة قد تأثرت به، وربما يكون محمد (عليه الصلاة والسلام) قد اكتسب بعضا من الاهتمام بنبواته.

كانت الأعوام التى تبعت زواج محمد (عليه الصلاة والسلام) سنين اعداد للمهمة التى تنتظره. ومع ذلك، فليس لدينا من المعلومات ما يمكننا من اعادة تصور عملية الاعداد، وأفضل ما يمكننا عمله أن نستدل على هذه العملية مما حدث فيما بعد. فهناك مثلا ايات فى سورة الضحى يبدو أنها تشير الى تجارب محمد (عليه الصلاة والسلام) الأولى:

(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى، وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى، وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى) .

من هذه الايات يمكننا أن نتصور أن احدى مراحل هذا الاعداد كانت معرفة أن يد الله تعينه بالرغم من المحن التى مرت به. وستأتى اشارات أخرى عن هذه السنين المجهولة فى سياق الحديث.


* يقصد الميلادى- (المترجم) .
(١٠) انظر التذييل ج- (المؤلف) .

<<  <   >  >>