للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويخلص وات الى أنه- لذلك- سيعتمد على القران الكريم كمصدر لتاريخ الفترة المكية، بالاضافة الى أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلم وكتب السير.. الخ.

سبب اخر دفع هؤلاء المستشرقين لاعادة ترتيب النص القرانى وهو ايمانهم بالمنهج التطورى فى التفكير وكتابة التاريخ، سواء تاريخ أوربا أو تاريخ العالم الاسلامى. كما أنهم لا يرون الأحداث تتحرك فى فراغ وانما من خلال بيئة اجتماعية واقتصادية وسياسية. كما أنهم يبحثون دائما عن دافع أو وازع للحركة، وقد يصيبون وقد يخطئون. واذا لم يضع القارئ فى اعتباره هذه (النظرة) أو هذه (الطريقة فى التفكير) ، فقد يسىء فهم ما يقرأ.

اننا نكاد نفهم أن وات اعتمادا على ترتيب بل الانف ذكره- يكاد يحدثنا عن المرحلة القرشية للاسلام، أى المرحلة التى بدا فيها الاسلام وكأنه لقريش دون سواها. ونكاد نفهم من تلميحاته أحيانا وتصريحاته حينا- أن الاسلام بدأ يمر بمرحلة عربية أى أنه فى هذه المرحلة صار موجها للعرب.

ولا يقصد وات هنا أن الاسلام ليس دينا عالميا، فهذه مسألة حسمها التاريخ، فالاسلام يمتد الان بكثافة ما بين خط عرض ٦٠* شمالا وخط عرض ٦* جنوبا، بالاضافة لمسلمين كثيرين خارج ما يحتضنه هذان الخطان.

بل ان البعد العالمى ظهر فى الاسلام منذ بواكير الدعوة، فقد كانت كل أجناس البشر ممثلة حول الداعى الرسول صلّى الله عليه وسلم، فقد كان هناك صهيب (الرومى) وسلمان (الفارسى) وبلال (الحبشى) وعرب يمنيون وعرب شماليون. و (وات) نفسه يذكر لنا فى كتاب اخر له ترجم للعربية بعنوان (الاسلام والمسيحية) «١» ان الاسلام هو دين المستقبل، لأنه يحتضن كل قيم الديانتين السابقتين عليه: اليهودية والمسيحية، بالاضافة لأسباب أخرى ساقها تفصيلا فى كتابه.


(١) فى سلسلة الألف كتاب الثانى، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

<<  <   >  >>