للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يزيد الأمر تعقيدا بوجود الفترة، أو انقطاع الوحى، كما ذكرنا فى الفقرة (ط) ، واذا قارنا ما ذكر فى الفقرتين (ى) و (ك) مع رواية الزهرى عن جابر «٣١» برواية نفس الحديث عن جابر التى رواها يحيى ابن أبى كثير «٣٢» ، يبدو واضحا أن الزهرى قد أدخل «الفترة» ليوفق بين هذا الحديث والقول بأن سورة العلق كانت أول ما جاء. ومع ذلك، فان هناك دليلا اخر على حدوث «الفترة» ، فان ابن اسحق يجعلها قبل نزول سورة الضحى «٣٣» *، واحتمالات حدوث مثل هذه التجربة أمر قائم، ولكن من غير المحتمل أن تكون قد استمرت ثلاث سنين كما يقال أحيانا، وربما كان هذا الرقم نتيجة للبس بين هذه الفترة وفترة الدعوة السرية. وتشير هذه الاعتبارات الى أنه ربما كانت هناك فترة انقطاع فى ممارسة محمد (عليه الصلاة والسلام) الدينية، ولا يعتبر ظن الزهرى (والذى اخذ به) أنها كانت قبل بدء الدعوة العامة مباشرة دليلا قويا؛ ولكنها محتملة جدا.

تؤخذ كلمة «مدثر» عادة على أنها تعنى «مغطى بدثار» (أو دثار) (بدال مفتوحة) ، فاذا كان هذا المعنى صحيحا فان فعل ذلك له علاقة ما بتلقى الوحى، فربما يكون ذلك لحث الوحى أو، وهو الأكثر احتمالا،


(٣١) الطبرى، ١١٥٥ وما بعدها.
(٣٢) ابن هشام، ١٥٦.
(٣٣) ابن هشام، ١٥٦.
* ورد ذكر فترة انقطاع الوحى فى أحاديث رواها البخارى عن السيدة عائشة (وهو الذى رواه أيضا الزهرى ويتناوله المؤلف بالدراسة والتحليل) وابن شهاب عن جابر بن عبد الله ونصه: (قال جابر بن عبد الله وهو يحدث عن فترة الوحى فقال فى حديثه (يعنى الرسول عليه الصلاة والسلام) : بينا أنا أمشى اذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصرى فاذا الملك الذى جاءنى بحراء جالس على كرسى بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت زملونى زملونى فأنزل الله: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ... الايات من ١- ٥ من سورة المدثر. فحمى الوحى وتتابع. نرى من هذا الحديث أن جابرا رضى الله عليه عندما قال ان أول ما نزل من الوحى هو أول سورة المدثر كان بعد فترة انقطاع الوحى وليس أول ما نزل مطلقا، وذلك مطابق لما ورد فى الروايات الاخرى من وقوع فترة انقطاع الوحى.

<<  <   >  >>