للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معالم الرسالة فى الايات السريمة التى نزلت فى وقت مبكر (فى أوائل ما نزل من القران الكريم) ولم يتناول القران الكريم مسألة اثبات وجود الله سبحانه، وانما تعرض لذاته باعتبار وجوده أمرا معروفا لمحمد صلّى الله عليه وسلم ومعروفا أيضا لأولئك الذين يتلقون الرسالة، الا أن ذلك كان على نحو غامض أو مبهم، وأصبح (بعد نزول القران) أكثر دقة ووضوحا بعزو كل الأحداث المختلفة اليه سبحانه، وهذا يجعلنا نميل الى تأكيد أن فكرة الله (سبحانه) قد انتقلت الى العرب من الفكر التوحيدى فى اليهودية والمسيحية. وعلى أية حال، فمادامت القدرة التى كان يعروها الوثنيون العرب لالهتهم كانت- كما هو مفترض- محدودة جدا فهم لم يكونوا ينظرون لله سبحانه كنظير أو مثيل لالهتهم، وانما باعتباره (سبحانه) أعظم منها على نحو ما، ومع هذا فلم تكن أفكارهم هذه لتكون فكرة كافية عن عظمته وقدرته على التدخل فى شئون البشر. وعلى هذا، فانه يجب أن نقدر مدى أهمية الأفكار القرانية فى تصحيح الفهم الخاطئ للعرب عن الله سبحانه، كخطوة أولى.

وربما كان ما هو أكثر مدعاة للدهشة أن أوائل ما نزل من القران ليس فيه اشارة الى توحيد الله سبحانه، Unity of God باستثناء ما ورد فى السورة ٥١ (الذاريات) ، الاية رقم ٥١:

(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (٥١)) .

وربما كانت هذه الاية اضافة متأخرة للسورة «٥» . انها تبدو وكأنها تكرار لفكرة معروفة بالفعل، لأنها اذا كانت فكرة جديدة لجرى التركيز عليها بشكل أوضح. وبطبيعة الحال، فليس هناك فى أوائل ما نزل منه ما يناقض عقيدة التوحيد، لكن ما هو مهم وشائق أيضا أنه فى أوائل ما نزل من القران، ان لم يكن هناك تركيز على توحيد الله، فليس هناك أيضا شجب للوثنية. وبعبارة أخرى، فان هدف النص القرانى الذى نزل فى فترة مبكرة كان محدودا. أنه كان


Bell ,op.cit. (٥)

<<  <   >  >>