للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يشكل الحلفاء طبقة (فئه) منفصله. فمبدأ الحلف أو التحالف لا يعنى دونية أحد الطرفين، وانما يعنى مساعدة متبادلة وحماية. وعلى أية حال، فبالنظر الى وضع قريش المؤثر بين العرب، فان من يتحالف معها اذا اقام فى مكه فانه عادة ما يأخذ أكثر كثيرا مما يعطى، وبهذا المعنى فهو تابع. وبطبيعة الحال، فان وضع الشخص المتحالف كان يتوقف على ما يفعله مستغلا قدراته. وبشكل عام ربما كان الحلفاء فى مستوى قريب من مستوى الأسرات الأقل أهمية فى العشيرة، ولكن الأخنس بن شريق كان لفترة زعيما فى بنى زهرة، وكان اخرون على قدر نسبى من الثراء، وقد تزاوجوا بحرية مع قريش، ومعظم الحلفاء الذين دخلوا الاسلام كانوا يعدون من الطبقة الثانية، أما من اعتبر منهم من الطبقة الثالثة فذلك لأسباب عرضية.

هناك اذن تفسير واضح لعبارة (أحداث الرجال) التى وصف بها المسلمون الأوائل وهى تعنى أنهم شباب، وكذلك لعبارة (المستضعفين) أو (ضعاف الناس) ، فعبارة أحداث الناس تنطبق على الفئتين الأوليين اللتين ذكرناهما انفا، و (ضعاف الناس) تنطبق على الفئة الثالثة، والتى ذكرناها انفا أيضا. وقد شرح ابن سعد لفظ (المستضعفين) قائلا انهم الذين لا عشيرة لهم تحميهم «١٦» ، ولا بد أن الزهرى قد أخذ أيضا بهذا المعنى. ومن المقبول أن تنطبق كلمة (ضعيف) على أولئك الذين أسلموا من العشائر والأسرات قليلة النفوذ، وفى هذه الحال فقد تشير الى الفئتين الثانية والثالثة.

والنقطة الأكثر أهمية التى تظهر من عرضنا هذا هى أن الاسلام الشاب كان فى جوهره حركة شبابية كما ركز على ذلك الكاتب المصرى عبد المتعال الصعيدى «١٧» ، فالغالبية العظمى من الذين قد سجلت أعمارهم كان الواحد منهم أقل من أربعين عاما عام الهجرة، وبعضهم كان أقل من الأربعين بكثير، وكان كثيرون منهم قد أسلموا قبل الهجرة بثمانى


(١٦) ج ٣، ١١٧، ابن هشام ٢٦٠، خباب، عمار، أبو فكيهة، ياسر، صهيب.
(١٧) شباب قريش، القاهرة، ١٩٤٧.

<<  <   >  >>