للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد صلّى الله عليه وسلم- قد أمسكه من وسطه وحفظه من السقوط فى هاوية النار «٢٢» . وعلى أية حال، فان جهلنا بالتاريخ date الذى رأى فيه هذه الرؤيا يجعل من الصعب علينا تقديم التفسير. ربما يرجع ذلك الى موقفه بعد أن اكتشف أبوه أنه كان معجبا بمحمد صلّى الله عليه وسلم منجذبا اليه، وقبل أن يقطع صلته بأسرته، فالرؤيا فى هذه الحالة تنطبق على موقفه.

لكن بعض التفاصيل تشير الى أن هذه الرؤيا كانت قبل لقائه بمحمد صلّى الله عليه وسلم، وفى هذه الحال فان الرؤيا تعنى- بعد تغيير مفهوم الرموز فيها- أن والده كان يجبره على الدخول فى دوامة الأعمال التجارية المكية، وهو يعتبر ذلك أمرا مدمرا للروح ربما لأنها تنطوى على ممارسات يعتبرها هو منطوية على الخسة وعدم النبل. والذى يبدو حقيقيا فى هذه الرواية هو أن أفكاره الواعية قد طفت على سطح عقيدته الدينية.

وفى حالة حمزة، وعمر، هناك روايات عن ظروف اسلام كل منهما. وبالنسبة لعمر بن الخطاب هناك روايتان عن كيفية اسلامه «٢٣» ، واذا قبلنا الرواية المتداولة بشأن ذلك فان اسلامه يرجع لعاملين: لقد كان الرجلان (عمر وحمزة) متأثرين بمسلك محمد صلّى الله عليه وسلم نفسه أو مسلك المسلمين الاخرين، وقد انجذب عمر بن الخطاب ببلاغة كلمات القران وبالمحتوى الدينى للاسلام. وفى كلتا الحالتين كان هناك الولاء للأسرة أو العشيرة، فحمزة هب يدفع عن محمد صلّى الله عليه وسلم الاهانات التى تعرض لها محمد صلّى الله عليه وسلم من عشيرة أخرى، أما عمر فقد أحس بما أصاب عشيرته من خزى عندما علم أن أخته وزوجها قد أسلما. وليست هناك كلمة واحدة عن أمور اقتصادية. فحتى عمر بن الخطاب- رغم أنه كان امنا على وضعه داخل العشيرة- ربما كان قلقا بشأن وضع عشيرته فى مكة.

هذا القلق ربما عمق سخطه على رجال عشيرته فى المقام الأول، من خلال الخوف من أن تحولهم للاسلام قد يؤدى لمزيد من تدهور الوضع العام للعشيرة.


(٢٢) ابن سعد، ج ٤، ١، ٦٧ وما بعدها.
(٢٣) ابن هشام، ١٨٤ وما بعدها، ٢٢٥- ٢٢٩.

<<  <   >  >>