للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زهير هو الذى قام أولا. وأم زهير هى عاتكة بنت عبد المطلب، وكان أبو طالب هو خاله، لذا فقد كان لديه أسباب لانجذابه لبنى هاشم.

والجدير بالملاحظة أنه فى قصيدة أبى طالب التى أشرنا اليها انفا «٤٧» مديح قوى لزهير لمساعدته لبنى هاشم، ويمكن ربط هذا المديح بذلك الموقف.

ومرة أخرى من المهم أن نلاحظ العشائر التى ينتمى اليها هؤلاء الخمسة، فهذا يوضح لنا- شيئا ما- طبيعة المعارضة داخل هذا التحالف الكبير (تحالف المقاطعة) . من المفترض أن زهيرا كان يتحرك أساسا انطلاقا من رابطة الدم (النسب) لكنه من حيث كونه من مخزوم فقد كان هو الشخص المناسب لتزعم الهجوم ضد السياسة التى بدأتها فى الأساس عشيرة مخزوم. وعلى أية حال، فربما كان الاخرون يتحركون لعوامل أخرى. لقد كانوا ينتمون لعشائر: نوفل وأسد وعامر التى كانت قد كونت الحلف الكبير (حلف المقاطعة) ؛ لكنهم لم يكونوا أعضاء فى الأحلاف القديمة التى ربما كان أعضاؤها يشكلون تكتلا داخليا فى باطن الحلف الكبير. وربما كان غياب الأعضاء الاخرين لحلف الفضول غير ذى معنى الا فيما يتعلق بعبد شمس، لكن فى الفترة الأخيرة يفترض أن عبد شمس قد أصبحت ذات ارتباطات مصلحية وتجارية قوية مع مخزوم ونتيجة لهذه المصالح المشتركة بدأت الأحلاف القديمة الان يعاد تشكيلها من جديد. واذا كان لنا أن نخمن دوافع قادة الغاء المقاطعة، لقلنا انه بمرور الوقت تحققوا من أن الحلف الكبير والمقاطعة قد دعما من موقف العشائر القوية التى هدفت الى احكام السيطرة الاحتكارية على تجارة مكة، وأن ذلك أدى بالتالى الى اضعاف العشائر الاخرى.

وبموت أبى طالب بعد نهاية المقاطعة، مرت علاقة محمد صلّى الله عليه وسلم بعشيرته بمرحلة أخرى، وسنتناول ذلك فى الفصل التالى.


(٤٧) ابن هشام، ١٧٢- ١٧٨.

<<  <   >  >>