للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفكرة قد انبثقت بشكل طبيعى من خلال هذا السياق (أو من خلال هذه الظروف) ، فالمتامر حاقت به مؤامرته (وقع فى شرك نصبه لغيره) أو بتعبير اخر لقد ارتد الى صدره السهم الذى أطلقه على غيره، وقد فشلت المؤامرة بفضل الله، فكان التراجع الذى حاق (بالدعوة الاسلامية) مؤقتا.

وثمة مثال أكثر وضوحا للنشاط المعادى ضد الاسلام هو منع العبد من أداء الصلاة «٨٩» . ولان كلمة العبد قد تعنى مجرد (الخادم) ، كما قد تعنى أيضا أبعادا أخرى باضافتها الى الله سبحانه (عبد الله) فقد تشير الاية التى تضمنت ذلك الى محمد صلّى الله عليه وسلم- نفسه، وقد تعنى كلمة عبد- على اية حال- ما يفيد الرق، لان هؤلاء الرقيق من المسلمين كانوا أقل الناس تأثيرا فى مجتمعهم الجديد، وبالتالى كانوا عرضه للمعاناة أكثر من غيرهم. وقصة أصحاب الأخدود «٩٠» تشير تقليديا الى غواية مسيحيى نجران واضطهادهم، وان كانت هذه الحكاية صحيحة فربما كانت تعكس أوضاع الاضطهاد فى مكة، لكن الباحثين الغربيين يميلون الان الى النظر لهذه الاية باعتبارها وصفا للجحيم. ومن المؤكد أن هذه الاية فى حد ذاتها لا تقوم كدليل على طبيعة اضطهاد المسلمين فى مكة. والاية المدنية «٩١» التى تتحدث عن المسلمين الذين هاجروا بعد تعرضهم للفتنة، لا تعنى أكثر من تعرضهم للكيد بالاضافة للضغوط الأسرية. وعلى أية حال، فان مفتتح سورة القلم «٩٢» يبدو وكأنه يبين نوعا من محاولات استدراج محمد صلّى الله عليه وسلم للوقوع فى نوع من التسوية؛ خاصة عندما تشير الايات الى أن المشركين ودوا أن يكون محمد صلّى الله عليه وسلم مخادعا يظهر غير ما يبطن فيفعلوا مثله (ودوا لو تدهن فيدهنون) السورة ٦٨ (القلم) ، الاية ٩.

وكان الله يشد من أزره لرفض عروض أعدائه «٩٣» وعدم الرضوخ لتهديداتهم. وثمة ايات تشير- وفقا للتفسير التقليدى- لرفض ايات


(٨٩) ٩٦/ ٩.
(٩٠) ٨٥/ ١- ٧.
(٩١) ١٦/ ١١١.
(٩٢) ٦٨/ ٩.
(٩٣) ٩٦/ ١٩، ٧٦/ ٢٤ ... الخ.

<<  <   >  >>