للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باعتبارها وضعت بعد ذلك لشجب المعاملة السيئة التى لاقاها الرسول صلّى الله عليه وسلم من بنى هاشم فى هذا الوقت. وعند عودة الرسول صلّى الله عليه وسلم من الطائف دخل فى جوار (حمايه) زعيم عشيرة نوفل ونظرا لعدم وجود ايه اشاره فى المصادر تفيد تغير هذا الوضع، فمن المؤكد انه ظل تحت حمايه بنى نوفل وليس تحت حماية عشيرته. فاذا قيل ان حكايه العباس عم النبى وتوثقه من حماية أهل المدينة لمحمد صلّى الله عليه وسلم جائزة حتى لو كان العباس لم يسلم- فان هذا قول غير صحيح، والرواية المنسوبة الى وهب بن منبه والتى حفظتها لنا أوراق البردى «٢٠» تميل الى تأكيد الرأى المذكور انفا. ففى رواية وهب امتدح العباس محمدا صلّى الله عليه وسلم مدحا عظيما، الا أن أهل المدينة زادوا فى مدحه ليروه أنهم أكثر حبا لمحمد صلّى الله عليه وسلم منه، وأكثر تقديرا له منه. والانطباع الذى نخرج به من هذه الرواية أنها رد على دعاية العباسيين الذين أقاموا الدولة العباسية بعد ذلك (بعد سقوط الدولة الأموية) ، وبصرف النظر تماما عن رواية وهب هذه (التى تثير فى حد ذاتها بعض الأسئلة الصعبة) فان الغرض الذى يكاد يكون مرضيا، هو أن حكاية زيارة العباس للعقبة ما هى الا مجرد اختراع (تلفيق) صرف من وضع أبواق الدعاية العباسية.

وثمة بعض الصعوبات الاخرى فيما يتعلق بتعيين الاثنى عشر نقيبا لأن المهام المنوطة بهم غير واضحة، ويظن الباحثون الغربيون أن ما يتعلق بهؤلاء النقباء موضوع بعد ذلك لتشبيه محمد صلّى الله عليه وسلم بموسى وعيسى عليهما السلام (فكما كان لكل منهما نقباء، فلم لا يكون لمحمد صلّى الله عليه وسلم نقباء أيضا؟!) .

ففى رواية وهب بن منبه نجد واحدا من أهل المدينة يبايع محمدا صلّى الله عليه وسلم بالمصطلحات نفسها التى بايع بها نقباء قبيلة اسرائيل، موسى (عليه السلام) ، وواحد اخر يستخدم فى مبايعته المصطلحات نفسها التى استخدمها الحواريون فى مبايعة عيسى ابن مريم «٢١» وعلى أية حال، فان الرواية التى تشير الى أن محمدا صلّى الله عليه وسلم أصبح نقيبا لبنى النجار عندما مات ممثلهم (نقيبهم) الأصلى تبين أن الشك فى رواية النقباء هذه لا أساس


(٢٠)
G.Melamede, The meetings at Al- kaba, in le monde Orienale.xxviii.١٩٣٩.pp.١٧- ٥٨.
(٢١) السورة Melamede ,Op.Cit. ,p. ٤..١٥ /٥

<<  <   >  >>