للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محايدة من الواضح أنها كانت أفضل لمصالحهم، وذلك فى مواجهه سياسة عبد المطلب المؤيدة للحبشة. ولا نستطيع أن نؤكد ما اذا كان أبرهة قد وافق على مقترحات عبد المطلب أم أنه رفضها بعد أن تحقق من أنه ليس قويا بالدرجة الكافية. وعلى أية حال، فقد فشلت الحملة فى الجزيرة العربية ولم تتحقق الأهداف الحبشية، اذ دمر الجيش الحبشى بالطاعون فيما يظهر*.

أصبح الحياد أمرا أكثر أهمية لمكة بعد غزو فارس لجنوب شبه الجزيرة العربية بعيدا عن سيطرة الفرس، ويبدو أن أهل مكة قد استفادوا من هذا الموقف فى زيادة قوتهم. وكانت حرب الفجار التى ربما بدأت بعد طرد الأحباش بفترة، نتيجة لهجوم- لم تأمر به مكة- من أحد حلفائها على قافلة كانت فى طريقها من الحيرة الى اليمن عن طريق الطائف، وهذا قد يعنى، من الناحية الاقتصادية أن أهل مكة كانوا يحاولون اغلاق هذا الطريق تماما أو ضمان بعض السيطرة منهم عليه، ونظرا لانتصارهم الواضح فى الحرب، فانه يمكن افتراض أنهم قد حققوا أهدافهم.

فى ضوء هذه الخلفية، يأخذ حلف الفضول الذى ذكرناه من قبل أهمية جديدة، فان السبب المعلن، وهو رفض أحد بنى سهم دفع ثمن بضائع اشتراها من تاجر يمنى، وردود الفعل الواسعة لهذه الحادثة تدل على أنها قد أصبحت علامة على اتجاه جديد هام فى السياسة، وباختصار كان هذا الاتجاه هو ذروة المحاولات التى قامت بها العشائر الأكثر ثروة لاستبعاد اليمنيين من تجارة الجنوب وتركيزها فى أيديهم، وهنا يمكننا فهم رد فعل بنى هاشم وباقى العشائر المكونة للحلف، فان هذه العشائر لم تكن قوية اقتصاديا بالدرجة الكافية التى تجعلهم يسيرون قوافلهم الى اليمن، ولكننا نستطيع أن نفترض أنهم استفادوا من الصفقات التى كانوا يعقدونها مع التجار اليمنيين فى مكة، فلو كانت القوافل الى اليمن تحت


* قال رب العالمين: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ* وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ* فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ» . (المترجم) .

<<  <   >  >>