للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللات، أى الالهة. فاذا كانت كلمة الله قد استخدمها اليهود والمسيحيون بنفس المعنى؛ فان فرصة اختلاط الأمور تكون كبيرة، ويكون الاحتمال الأرجح هنا أنه بينما امن بعض أهل مكة بالله، فانهم لم يروا أن معتقداتهم القديمة فى تعدد الالهة تتعارض مع اعتقادهم فى الله حتى يرتضوها.

هذه الأحاسيس الداخلية بالتوحيد بين العرب لابد أنها نتيجة للتأثيرات المسيحية واليهودية بصفة أساسية «١» ، *، فقد كان أمام العرب فرص كثيرة للاتصال بالمسيحيين واليهود، فالامبراطورية البيزنطية، التى كان العرب معجبين الى درجة كبيرة بقوتها وحضارتها


(١) انظر التذييل ب- (المؤلف) .
* رسل الله محمد وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام أبناء ابراهيم، وابراهيم كان خليل الرحمن مواحدا مسلما كما يجب أن يكون الاسلام- إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (النحل ١٢٠، ١٢١) وكذلك كان رسول الله اسماعيل عليه السلام مواحدا التوحيد الصحيح السليم الذى لم تشبه شائبة لأنه كان رسولا. واذكر فى الكتاب اسماعيل أنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا (مريم ٥٤) . وكان العرب من ذرية اسماعيل والقبائل الاخرى التى عاشت معهم فى مكة مواحدين على دين ابراهيم عليه السلام، وقد ذكرنا من قبل أنهم كانوا يحجون ويعتمرون بنفس المناسك التى نحج بها ونعتمر اليوم وذلك قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا يلبون بنفس صيغة التلبية التى نلبى بها اليوم. واستمر الوضع كذلك حتى أدخل عمر ابن لحى عبادة الأصنام تقليدا لبعض قبائل الوثنية التى مر بها فى رحلة الصيف الى الشام فبدأ التحريف فى دين ابراهيم بادخال عبادة الأصنام معه، وكان منطقهم أنها تقربهم الى الله زلفى- ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى (الزمر ٣) . وفى الاية التالية أثبت الله عز وجل لهم أنهم يعبدونه ولكنهم أشركوا بعبادته هذه الأصنام. وما يؤمن أكثرهم بالله الا وهم مشركون (يوسف ١٠٦) ولقد تكرر قول الله عز وجل: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله (لقمان ٢٥، الزمر ٣٨) . ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله (العنكبوت ٦١) فهم يعرفون الله عز وجل ويزعمون عبادته ولكنهم جعلوا له شركاء من أصنامهم، فالتوحيد اذن موجود عند العرب مند عهد ابراهيم عليه السلام. والتوحيد فى الاسلام ايمان باله واحد ليس كمثله شىء وليس فيه تعددية وليس له زوجة أو ولد. وفى النهاية لا ننسى أن كلا من محمد وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام رسل الله عز وجل ودعوة الرسل كلهم واحدة وهى الدعوة الى التوحيد.

<<  <   >  >>